المعلمون والمدرسون في العراق وضرورات الحماية والكفاية

لا شك أن  المعلم أو المدرس الكفء هما حجر الأساس في العملية التعليمية والتربوية ، ولا يمكن تصور نظام  تعليمي وتربوي متطور دون وجود معلمين ومدرسين ذوو كفاية في مختلف المجالات العلمية والتربوية والمادية في ظل نظام قانوني واجتماعي واقتصادي يدعمهما ،كما يمثل المعلمون والمدرسون نسبة مهمة من المجتمع العراقي، إذ بلغ عددهم للمراحل الابتدائية والثانوية، للتعليم العام والمهني ( 400590) أربعمئة الفا وخمسمئة وتسعون معلما ومدرس اللعام الدراسي 2015/2016م[1]، ناهيك عن الزيادة المتحققة بعد هذا العام ،مما يستدعي التوقف للنظر في الظروف الاقتصادية والاجتماعية الملائمة لهذاالعدد.

ومن هنا يأتي التفكير في تطوير أو وضع تشريعات خاصة تتبنى دعم وحماية المعلمين والمدرسين لضمان تدفق علومهم وخبراتهم واساليب واستراتيجيات تعليمهم وتدريسهم، في ظل مناخ  مناسب يتضمن تحقيق كفايتهم المادية والمعيشية بما يتناسب وأهمية دورهم في رفد المجتمع بموارد بشرية تعد إحدى اهم ركائز بناء الدولة ، ويتناسب مع جهودهم الاستثنائية وكذلك حمايتهم من الاعتداءات المتكررة اللفظية والجسدية والتهديدات وغيرها سواء أكانت من التلاميذ والطلبة أم من أولياء الأمور أوفئات من المجتمع بشكل عام ، التي أثبتت مشاهدات وخبرات و بحوث ودراسات وتقارير اعلامية عديدة وجود عدد منها في بعض المدارس في العراق[2] .

كما أن العناية بهذه الشريحة من المجتمع وتشريع قانون مناسب لحمايتهم  وكفايتهم يرتبط بتحقيق منافع متعددة منها : الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية التي تمارس من بعض الهيئات التعليمية والتدريسية لأسباب مادية ، وتزيد من إندفاعهم نحو بذل الجهود لتربية وتنشئة جيل متحلي بصفات الفضيلة بما يعود على  النفع العام للمجتمع ؛ من خلال الحد من تدخلات جهات أخرى خارج المدرسة تحاول السعي لفرض ارادات تتقاطع مع سياسة المدرسة ، وكذلك فإن الحماية والكفاية تساعد على منحهم فسحة وافية لتطبيق استراتيجيات وطرائق تعليم وتدريس حديثة وزيادة أفقهم الثقافي والعلمي والتربوي بما ينعكس إيجابا على الطلبة ، ويسهم في تعزيز مساحة وحضور تطبيقات القانون والدولة المدنية والتربية المواطنية من خلال تعبيد السبيل أمام المعلمين والمدرسين في تربية النشء على سبل المواطنة الصالحة ,وغيرها من المنافع .

لكن تشريع قانون حماية وكفاية للمعلمين يحتاج الى التأني والروية في صياغته ليحقق التوازن والشمول والعدالة والموضوعية بين جميع الأطراف، طرف المعلمين والمدرسين من جهة والتلاميذ وأولياء الأمور وفئات المجتمع من جهة أخرى، من خلال :

  • دراسة العقوبات المقترحة ومدى توافقها أو تضاربها وتعارضها مع تشريعات أخرى كالدستور والواردة في أنظمة المدارس الإبتدائية والثانوية وغيرها .
  • اجراء دراسات اجتماعية حول العقوبات المقترحة والنظر في مدى توافقها مع توجهات المجتمع العام والقيم الوطنية والتربوية للمجتمع العراقي التي أسس لها الدستور.
  • دراسة الكلف المالية للتشريع والنظر في مدى توافقه مع إمكانات وسياسات العراق المالية ، مع مراعاة فلسفة الدولة والمجتمع في تحديد الأهمية التي ينبغي أن تعطيها للمعلم والمدرس ؛ لأن الكلف المالية ليست في كل الحالات فيصلا في رفض او قبول المقترحات ، فيمكن أن تكون قيمة معينة أولوية على حساب قيمة اخرى.
  • التباحث مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية الأخرى كوزارة الإسكان والمالية ومنظمات مجتمع مدني معنية ونقابة المعلمين في إمكانية تطبيق أفضل المقترحات الخاصة بتشريع مناسب لهذه الشريحة .
  • ضمان أن تكون الهيئات التعليمية والتدريسية على افضل مستوى علمي وتربوي لاستحقاق أفضل الامتيازات, من خلال حصر تعيين المعلمين مستقبلا من خريجي كليات التربية ، وتدريس مناهج اضافية تعنى بطرائق التعليم والتدريس الحديثة وعلم النفس وغيرها ، وفتح الباب واسعا امامهم للدراسات العليا .
  • اقتراح شمول تشريع الحماية وبعض حالات الكفاية المالية المقترح للاداريين والمرشدين التربويين في المدارس لحاجتهم للحماية والكفاية في كثير من الحالات.

 

ومن المفيد الذكر أن هناك دولا عديدة كالكويت وغيرها تسعى  باستمرار لتطوير وسن قوانين لحماية المعلمين والمدرسين ، ودولا كاليابان خصصت امتيازات واسعة جدا للمعلم وعدته اساسا لكل قنوات التطور والابداع في الحياة[3] .

[1]وزارة التخطيط العراقية  وزارة التربية العراقية : الجهاز المركزي للاحصاء ، والمديرية العامة للتخطيط التربوي ، احصاء التعليم الابتدائي والثانوي في العراق ، للعام الدراسي 2015/2016 .

[2] فراس جاسم واخرون : الأساليب التاديبية في المدارس العراقية ، بحث غير منشور ، دائرة البحوث ، مجلس النواب العراقي ، 2015م .

[3]خبرات ومشاهدات الباحث .