قياس الأثر التشريعي لمشروع قانون الجامعات والكليات الأهلية

لقد أثبتت التجربة العملية لتشريع القوانين في النظام الاتحادي في العراق ما بعد صدور دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ، وخلال الدورتين الانتخابيتين التشريعيتين الأولى والثانية والسنة التشريعية الأولى من الدورة الثالثة ، بأنها قد جاءت متبعة لأساليب التجربة ، ولم تتبع عملية قياس الأثر التشريعي ، وبالتالي فإنها كانت عن نظرة سطحية غير مدركة لآليات صنع القرارات أو التشريعات قبل إصدارها، فضلاً عن تجاهل التكاليف الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية المترتبة على العمل بالتشريع بعد وضعه موضع التطبيق العملي.

ولذلك وانطلاقاً من تلك الحاجة ، ولتطبيق تجربة ( قياس أثر التشريعات ) في مجلس النواب ، عملنا في هذا التقرير الوقوف على محددات قياس الأثر التشريعي لمشروع ( قانون الجامعات والكليات الأهلية ) المرسل من الحكومة إلى مجلس النواب.

ولاشك أن تجربة التعليم الجامعي الأهلي تعد تجربة فتية في تاريخ العراق ومحاولة طموحة لتحقيق الأهداف المرجوة إذا ماتوفرت جميع الوسائل الكفيلة بانجاحها ، أو فشلها إذا ما فقدت تلك التجربة مقومات النجاح، فهي ليست بتجربة مختبرية لان أي فشل يعتريها يكون من الصعب إعادة تقويمها مما سيؤثر في الاجيال ، ويترك آثار وخيمة على مستقبل أي أمة أو بلد .

وظاهرة الجامعات والكليات والمعاهد الأهلية بدأت تتنامى في العالم بشكل كبير منذ منتصف القرن المنصرم بشكل عام ، وبدأت بوادره الأولى في العراق منذ الثمانينيات الذي تمخض عنه صدور قانون الجامعات والكليات الاهلية رقم 13 لسنة 1996 ، وقد كان للتحولات الجذرية والعميقة المتجلية في العراقي ما بعد التغيير عام 2003 وتنامي ظاهرة االجامعات والكليات والمعاهد الأهلية وفروع الجامعات الاجنبية الرصينة المستثمرة في العراق بشكل عام في الوسط العلمي العراقي واتساع حجمها وتأثيراتها على الأسرة التعليمية العراقية مع غياب البعد المؤسسي للدولة في معالجة هذه الظاهرة، مما تولد عن ذلك أعداد كبيرة من تلك الجامعات والكليات والمعاهد مع أزدياد عدد الطلبة المنضمين إليها.

 

لذا بحثنا في هذه الظاهرة، وعرفنا المشكلة الظاهرة التي وضع التشريع من أجل معالجتها وأعراضها آخذين بنظر الإعتبار عدم الخلط بين العرض والمرض، وماهية الجهات أو الأطراف المتأثرة بهذا التشريع ، وعرضنا نبذة عن هذا المشروع متضمنة المصالح العامة المستهدفة بالتشريع وتوازن الأعباء مع عوائد التطبيق وتوقيته وآليات إنفاذه، ثم وضحنا أبرز الأحكام الواردة في مشروع القانون من الأوامر والجزاءات وآليات الإنفاذ، وشخصنا الأطراف المعنية بالتشريع ، ومدى وضوح المشروع لهم وإدراكهم لأبعاد العملية وتأثيراتها اللاحقة والمحتملة أو المصاحبة لتطبيق القانون في حالة إصداره ومعرفة النتائج المتوقعة منه ومناقشة البدائل المتاحة من خلال الإحاطة الشاملة والدقيقة كون القانون وليد الحاجة ، ولا يمكن ان يأخذ سياقه في التشريع دون المرور بقنوات معرفية ذات تماس بالنتائج.

ولغرض الوقوف على نتائج حقيقية قمنا بإجراء عدة مقابلات شخصية للأطراف المعنية بالتشريع وأصحاب المصلحة من اللجان النيابية المعنية والوزارات المختصة كوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومنظمات المجتمع المدني والجامعات والكليات وأساتذة الجامعات والمعنيين بهذا الشأن، وقد توصلنا إلى خلاصة هذا التقرير بعد بلورة البدائل إلى بديلين ، أحدهما تشريعي والآخر إجرائي مع الأخذ بالنظر درجة تحقيق الأهداف وعلاقتها بالسياسات العامة ومدى تحقق الموارد المتاحة والآثار الجانبية أو النتائج العكسية لهذا المشروع.

 

المحور الأول

المشكلة

أولاً : تكمن المشكلة التي وضع المشروع من أجل معالجتها في السبب الرئيسي لإصدار هذا القانون نتيجة نشوء قطاع خاص للتعليم العالي في العراق موازي للقطاع الحكومي مما يستدعي الضرورة القصوى لتشريع قانون ينظم هذا القطاع تعزيزاً لمكانته العلمية بما يؤمن تحقيق أهدافه ونحه الاستقلالية والمرونة لضمان التطور والإبداع والمستوى العلمي الرصين ، ووضع الأسس والمحددات والمواصفات لهذا القطاع بما يحقق الجودة العلمية والأكاديمية لأن القانون الصادر عام 1996 لا يلبي الحاجات الحقيقية لهذا القطاع.

وقد ازداد بروز هذه المشكلة بعد سقوط النظام السابق عام 2003 بشكل ملفت للنظر بعد أن كان عددها لا يتجاوز أكثر من خمسة جامعات، فتأسست بعد التغيير عدد كبير من المعاهد والجامعات والكليات وكذلك فتحت فروع لجامعات أجنبية في العراق ، مما تطلب الأمر تنظيم هذا القطاع الحيوي والأساسي في عملية التنمية بعيدة المدى ووضع الأسس والمعايير التي يتم على أساسها تأسيس المؤسسات في هذا القطاع مع ضمان الجودة والمستوى العلمي الرصين.

 

ثانياً : الأضرار المترتبة على غياب القانون :- بعد إجراء التشاورات مع الأطراف المعنية والجهات المتأثرة بالقانون توصلنا إلى نتيجة مفادها إن عدم تشريع  قانون الجامعات والكليات الأهلية ، سيؤدي إلى نتائج سلبية وتداعيات  على هذا القطاع يتمثل أبرزها في  : –

أ- التأثير السلبي على المستوى العلمي لخريجي هذه الجامعات، بسبب اعتماد كوادر تدريسية من أصحاب الوظائف الحكومية باعطاء المحاضرات في هذا القطاع نتيجة الدافع المادي، أو كوادر تدريسية غير مؤهلة.

ب – عدم الالتزام بمعايير الجودة في مخرجات هذا القطاع الحيوي، بسبب ضعف الرقابة والمتابعة الحكومية، وضعف إمكانيات الكوادر الادارية العاملة .

ج- الفوضى والعشوائية في الاجراءات وتأسيس الجامعات والكليات والمعاهد الاهلية نتيجة إعتماد معايير غير مطابقة في منح اجازات التسجيل والترخيص.

 

د- يمكن اختراق هذا القطاع من قبل مؤسسات وأشخاص لا تمتلك المواصفات والمعايير اللازمة لغرض تحقيق الربح على حساب المستوى العلمي الرصين، وهيمنة دوافع الكسب المادي دون الهدف التربوي والعلمي.

ه- سيكون هذا القطاع عامل سلبي على مجمل العملية التعليمية والأكاديمية ورصانته مما يؤثر على تصنيف قطاع التعليم بصورة عامة.

و – تدهور هذا القطاع يؤثر سلباً على مؤشر التنمية في المستقبل باعتباره ركناً أساسياً في أي عملية تنموية.

ز- سيفقد الدولة تحصيل أموال طائلة تتأتى إليها عن طريق الرسوم والضرائب التي تفرض على تلك الجامعات والكليات الأهلية وعملية الاستثمار لفروع الجامعات الاجنبية في العراق.

 

ثالثا: الجهات المتأثرة بمشروع القانون :- هناك عدة جهات أو أطراف تتأثر بمشروع هذا القانون :-

أ- الحكومة : من خلال الوزارات المعنية ،لوجود دعم وتكاليف مادية تؤديها الحكومة في حالة إقرار القانون، وتحصيل أموال عن طريق الرسوم والضرائب المفروضة.

ب – المؤسسات ذات العلاقة والنقابات المهنية والطلابية.

ج- مجلس النواب كونه المعني بتشريع القانون والرقابة اللاحقة من خلال لجانة المختصة.

د- الجامعات والكليات والمعاهد الأهلية والطلبة.

 

المحور الثاني

نبذة عن مشروع القانون

إن أغلب نصوص مشروع قانون الجامعات والكليات الأهلية قد جاءت لتؤكد الهدف الرئيسي وهو تأسيس جامعات أو كليات أو معاهد أهلية تتمتع بالشخصية المعنوية ، ولها فتح فروع لجامعات وأقسام لها في بغداد والاقليم والمحافظات، وفتح فروع لجامعات أجنبية رصينة في العراق من خلال توفير الفرص الدراسية الجامعية الاولية والعليا، ونشر المعرفة وتطويرها، وتشجيع البحث العلمي وتطويره ، وتمنح إجازة التأسيس للجامعات والكليات الأهلية بموجب هذا القانون من قبل مجلس الوزراء بناءاً على اقتراح من وزير التعليم العالي، وحددت نصوص المشروع الشروط اللازمة للجهات التي يحق لها تأسيسها والطلبات وجميع الاجراءات والقدرة المالية المطلوبة والاختصاصات التي تتطلبها الوزارة ، والرسوم المالية والضرائب المفروضة، ومدد الدراسة في هذه الجامعات، وخضوعها إلى اشراف وتقويم الوزارة لضمان تنفيذ الاهداف من خلال مجلس التعليم العالي الاهلي المشكل بموجب هذا القانون في مركز الوزارة الذي يعد أعلى هيأة علمية وادارية ويتولى اختصاصات ومهام عديدة تقوم فيها اتجاه تشكيلات الجامعات والكليات والمعاهد الاهلية والتي من أهمها اقتراح خطة التعليم الاهلي وشروط القبول والمصادقة على المناهج والاجور الدراسية وعدد الطلبة والترقيات العلمية وغيرها من المهام . وقد نظم مشروع القانون الاحكام المالية والرسوم في فصل مستقل.

ولأجل توازن الأعباء مع عوائد التطبيق ، فإن تأسيس مجلس التعليم الأهلي ضرورة ملحة للمجتمع العلمي العراقي وتأسيس الجامعات والكليات والمعاهد الأهلية ، وأنه سيوفر للدولة أموال وكذلك خبرات وطاقات علمية وفتح آفاق الاستثمار مع دول أجنبية رصينة في التعليم ، وقد بينا ذلك عند تقديرنا لكلفة مشروع القانون التي سنأتي لذكرها آنفاً بموجب هذا القانون ، وأن عوائد إصدار هذا التشريع ستكون محاسنه ذات مزايا عديدة التي تؤول في النهاية إلى استقرار التعليم من خلال تطبيق القانون عبر آليات الإنفاذ المنصوص عليها في المشروع والاستعانة بالخبراء والتنسيق مع الجهات المختصة والمنظمات غير الحكومية وقرارات مجلس التعليم الاهلي وقرارات الوزارة  والعقوبات المفروضة الواردة في المشروع ، وقد نص المشرع على أن تنفيذ أو تطبيق هذا التشريع من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ومنح الوزير المختص الحق بإصدار التعليمات اللازمة لتنفيذه.

 

 

المحور الثالث

أبرز الأحكام الواردة على مشروع القانون

وردت مسودة المشروع من قبل الحكومة متضمنة ( 56 ) مادة مع الأسباب الموجبة ، وبعد الإطلاع على نصوص المشروع تبين لنا بعض الملاحظات الآتية التي ينبغي على المشرع الالتفات إليها في هذا المشروع : –

1-خلت مسودة المشروع من التعارف للتعابير المتكررة في نصوصه، كتعريف الجامعات والكليات الاهلية ، وتعريف مجلس التعليم الأهلي، والجامعة أو الكلية ، أو الوزارة  وغيرها.

2 –   خلت مسودة القانون من مادة مهمة كان يجب ذكرها في بداية مواد هذا القانون وهي ” نطاق سريان القانون ” أي على من يسري هذا القانون ومن هم المخاطبين وهذا خلل واضح لابد من تلافيه من قبل المشرع.

3- ذكر المشرع في المادة الاولى الاهداف من هذا القانون وعند الاطلاع عليها نجدها ( وسائل ) وليست أهداف ، في حين ذكر في المادة الثانية وسائل لتحقيق الاهداف ، ولكنها في حقيقة الامر هي الاهداف بعينها، لذا ينبغي تعديلهما.

4-اشترط المشرع في المادة ( 4 / أولا / ب ) موافقة مجلس الوزراء على منح الجهات الاجنبية اجازة التأسيس بأن لايقل عدد التدريسيين عن ( 5 ) خمسة ونعتقد أن هذا العدد قليل، ونقترح أن يكون عددهم ( 7 ) سبعة .

5 – كان على المشرع أن يفرد فصلاً مستقلاً يسميه ( إعارة التدريسيين ) بدلاً من أن يضعه في نصوص مبعثرة في الأحكام الختامية.

6-هناك بعض المواد ذكرت في الأحكام الختامية ، في حين أنها تتعلق بمجلس التعليم الأهلي في الفصل الرابع ، أو في تشكيلات الجامعات أو الكليات في الفصل الخامس ، مما ينبغي نقل تلك النصوص.

7- اشترط المشرع في المادة ( 3 / ثانياً / ب )  لغرض الحصول على إجازة تأسيس الجامعة أو الكلية مضي ( 5 ) سنوات على تأسيسها، ولكنه لم يوضح ماهية التأسيس أو الشروط المطلوبة لكون وزارة التعليم لغاية هذه اللحظة لم تعترف بوجود هذه الجامعات أو الكليات.

 

 

8 – لم يتطرق المشرع إلى المعاهد العليا ، فهناك معاهد أهلية للدراسات العليا في العراق موجودة على أرض الواقع لابد من معالجة أوضاعها في هذا المشروع.

9-لم يعالج المشروع حالات ممن تخرجوا قبل تشريع هذا القانون ، لذا ينبغي وضع نص يمكن أن يعالج تلك الحالات من خلال لجان معينة يشكلها مجلس التعليم الأهلي كأن تناقش من خلالها الرسائل والأطاريح.

10-خالف المشرع في هذا القانون النص الدستوري في المادة ( 100 ) من دستور العراق لسنة 2005 التي حضرت النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار اداري من الطعن، عندما جاء في المادة ( 40 ) من المشروع ونص على عدم سماع الدعاوى التي تقام على الوزارة أو الجامعات في أمور عديدة واعطى للوزارة الحق في البت فيها، لذا نقترح الغاء هذه المادة لمخالفتها الدستور.

11-نقترح أن تكون إدارة صندوق تقاعد التدريسيين والعاملين في الجامعات الواردة في المادة ( 43 ) من هذا المشروع لرئيس مجلس التعليم العالي الاهلي بدلاً من الوزير كونها أمور إجرائية.

 

المحور الرابع

تشخيص الأطراف المعنية بالتشريع والتشاورات

إن الأطراف المعنية بتشريع هذا القانون يمكن تحديدها بما يأتي :-

أولاً :-الحكومة : وهي من الأطراف المتأثرة بالقانون لكونها ستمول تطبيق وتنفيذ هذا القانون في حالة إقراره، وستقدم دعماً سنوياً من الموازنة العامة للوزارة، وكذلك مراقبة حسابات إدارة هذا الملف، وتتمثل مؤسسات الحكومة في ما يلي:

أ-الأمانة العامة لمجلس الوزراء . ب – وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. ج– وزارة التخطيط . د- ديوان الرقابة المالية.

ومن الجدير ذكره أن مجلس الوزراء كان قد وافق على المشروع في جلسته الاعتيادية رقم ( 40 ) المنعقدة بتاريخ 15 / 1 / 2013 والذي أحيل من مكتب وزير الدولة لشؤون مجلس النواب بموجب كتابها بالعدد 1179 في 6 / 2 / 2013 إلى المجلس.

ثانياً :- مجموعة من أساتذة وطلبة الجامعات والكليات والمعاهد الأهلية :- وهم المستفيدون من القانون ، حيث تم مقابلة ( 67 ) ما بين طالب واستاذ في الجامعات والكليات الاهلية في العاصمة بغداد ، ، وقد جاءت معظم إجابات تلك الفئات أنهم مع ضرورة تشريع هذا القانون الحيوي وأهميته في نشر المعرفة وتطوير واقع العراق العلمي .

ثالثاً :- بعض مؤسسي  وإدارات الجامعات والكليات والمعاهد الأهلية وفروع الجامعات الأجنبية في العراق : حيث تم إتصال فريق دائرة البحوث بممثلين عن ثمانية جامعات وكليات ومعاهد إهلية ، بعضها يشمل الدراسات الأولية ، والبعض الأخر يشمل الدراسات العليا ، وهذه الجامعات أو الكليات هي ( إدارة جامعة سانت كليمنتس الأهلية ، وكلية التراث، ومعهد العلمين في النجف، وكلية الرافدين، ومعهد المنار، وجامعة آيلز العالمية ، وجامعة مزايا في ذي قار، ومعهد الفارابي) ، وقد أكد ممثلي تلك الجامعات على ضرورة تشريع قانون الجامعات والكليات الأهلية ، وأشاروا إلى أن جامعاتهم أو كلياتهم أو معاهدهم بعضها تأسست قبل عام 2003 ، والبعض الاخر بعد التغيير 2003 ، وأن هناك الكثير من الطلبة الذين إنخرطوا في الدراسة والبعض

 

 

الاخر قد تخرج منها، وأن الدراسة في هذا القطاع الخاص تكون ضمن المعايير العلمية المعتمدة في وزارة التعليم العالي ، وأن الاعتراف بهم سيرفد البلد بالكفاءات والخبرات العلمية، وأن بعض هذه الجامعات كان قد حصل على إجازة تأسيس عند فتح الجامعة من مجلس الوزراء كمعهد العلمين ، والبعض الآخر قد خاطب وزارة التعليم العالي بفتح الكلية أو الجامعة ، أو مخاطبة لجنة التعليم العالي ولجنة الاستثمار كما هو الحال في جامعة آيلز العالمية التي فاتحت لجنة التعليم العالي والتي بدورها خاطبت هيأة الاستثمار التي أبدت عدم ممانعتها في استثمار احدى الجامعات العالمية في بريطانيا لفرع في العراق وأحالت الطلب الى وزارة التعليم العالي الذي أجاب بعدم ممانعته بشرط وجود غطاء قانوني وهو تشريع هذا القانون، وكما مبين في المخاطبات الموجودة في الملاحق.

رابعاً :- مجلس النواب :  متمثلاً بهيأة رئاسة المجلس واللجان المعنية والأعضاء، وأن اللجنة المختصة هي لجنة التعليم العالي النيابية ، حيث أن اللجنة خلال الدورة الثانية كانت قد عقدت عدة جلسات لأعضائها وتمت دعوة واستضافة مستشارين وخبراء من داخل المجلس وخارجه لاسيما مستشار وزارة التعليم العالي وأوصلت المشرع للقراءة الثانية.

أما في الدورة الثالثة ، فمن خلال التشاورات التي أجرتها اللجنة كونها المختصة والمعنية بهذا الملف أو التشريع مع ممثلي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، تم استضافت رئيس جهاز الاشراف والتقويم العلمي ومدير التعليم الاهلي في الوزارة للتباحث في 17 / 11 / 2014 للتباحث حول المشروع ، وشكلت لجنة موسعة لدراسة وتدقيق المشروع، وبتاريخ 21 / 5 / 2015 عقدت اللجنة ندوة لأكثر من ( 20 ) ممثل  للجامعات والكليات الأهلية تم من خلالها الوقوف على أهم الملاحظات التي تعتري هذا المشروع مع ضرورة تشريعه خدمة للعملية التعليمية وتطويرها في العراق وفق المعايير المعتمدة ، مع ملاحظة أن المشروع قد قراءة ثانية.

وتجدر الاشارة إلى أن اللجنة القانونية النيابية بعد إحالة المشروع إليها لبيان رأيها ، أرسلت تقريرها إلى هيأة الرئاسة بالعدد ( 647 ) في 12 / 11 / 2015 وطالبت بتغيير عنوان القانون الى ( قانون الجامعات الاهلية ) وقدمت بعض الملاحظات الشكلية على القانون.

 

المحور الخامس

التأثيرات اللاحقة للقانون

أولاً :- محاسن التشريع :- عند تشريع القانون ستكون له تأثيرات على المستويات الآتية :

أ- المستوى العلمي والأكاديمي :

  • توفير فرص دراسية جامعية أولية وعليا لمختلف فئات المجتمع، والتي من شأنها تقليل الضغط الحاصل في استيعاب العدد الهائل من الطلبة.
  • إحداث تغييرات كمية ونوعية في الحركة العلمية والأكاديمية من خلال خلق جو من البيئة التنافسية مع التعليم الحكومي عمادها الارتقاء العلمي وجودة المخرجات الكفوءة وهذا من شأنه الارتقاء بكل النوعين.
  • نشر المعرفة بشتى أنواعها وتطوير بيئة البحث العلمي والأكاديمي.
  • بناء قاعدة أكاديمية على مستوى عال من الجودة والكفاءة.
  • دعم القطاع الحكومي غير القادر على تلبية الحاجات الأكاديمية والعلمية لفئات كبيرة من المجتمع التي لا تستطيع الالتحاق بالقطاع الحكومي.
  • زيادة في توسيع مساحات فرص الاختيار للطالب المتقدم للقبول مما يخلق مناخاً نفسياً وصحياً له نتيجة شعوره بالاهتمام المتزايد بطاقاته ومستقبله وبالتالي تحقيق الدافع المناسب في التفوق والابداع.

ب – المستوى التنموي والاقتصادي :

1- إن تطوير هذا القطاع العلمي يساهم بالضرورة في تطوير مؤشرات التنمية مستقبلاً، إذ إن دعم هذا القطاع يؤدي إلى نشر المعرفة والثقافة مما يسهم في رفع الوعي لدى المجتمع ككل.

2- إن بناء قاعدة علمية من الأكاديميين وخريجي الجامعات وذي الدرجات العليا يساهم في رفد مختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية حالياً ومستقبلاً بالكفاءات والقدرات.

3- إن الجانب العلمي التطبيقي يوفر قاعدة صناعية ذات كفاءة لدعم القطاعين الزراعي والصناعي في البلد باعتبارهما قطاعين يعانيان من الإهمال الشديد.

 

 

4- زيادة الدخل لدى فئات كثيرة بسبب زيادة المهارات العلمية مما يساهم في رفع مؤشرات التنمية وانخفاض البطالة.

5- إن تشريع هذا القانون سيكون خطوة من خطوات خصخصة الانتاج والتي تعتمدها كافة الدول المتطورة.

6- توفير الأموال العابرة للحدود ( العملة الصعبة ) التي يدفعها الطلبة من أبناء البلد الى الكليات والجامعات في الدول المجاورة والاجنبية مما يعرض القدرات المالية في الدولة الى الهدر.

ج-المستوى الاجتماعي والثقافي :

1- تنامي الشعور بالانتماء تتيجة الوعي والاستقرار النفسي والاقتصادي.

2- نشر الثقافة والمعرفة لدى فئات كبيرة من المجتمع مما له الأثر البالغ في انحسار حالات العنف الأسري واستقرار الأسر العراقية.

3- ارتفاع المستوى الثقافي الذي يؤدي بدوره الى ارتفاع المستوى الاخلاقي والحضاري للمجتمع العراقي بشكل أفضل.

ثانياً:- مخاطر تطبيق القانون

1- بعض الأعباء المالية التي من المحتمل ستترتب على الحكومة من جراء تنفيذ القانون، فهناك تأثيرات لاحقة للقانون تتمثل في الأعباء المالية التي تتحملها وزارة التعليم لتنفيذ او تطبيق هذه القانون بعد إصداره, وان الأعباء المالية لتطبيق القانون هي الموارد المالية والفنية اللازمة لتأسيس المجلس العلمي الاهلي المشكل بموجب القانون من حيث الأبنية والأجهزة  والآلات والمعدات والموظفين والموارد الأخرى، أما الأعباء المالية بعد تطبيق القانون فتتمثل بالتخصيصات السنوية التشغيلية التي تمنح للمجلس ، ولكن من الممكن تعويض تلك التخصيصات من خلال الوارد المادي الذي سيتأتى للوزارة من الرسوم السنوية من الجامعات والكليات الاهلية والتي حددت في مشروع القانون بــــ ( 3 % ) من إجمالي الايراد السنوي للجامعة أو الكلية.

2-ربما يحصل هناك تداخل في الصلاحيات فيما بين المجلس العلمي الأهلي ومجالس الجامعات والكليات الأهلية، ولكن القانون كان واضحاً في إجراءات الرقابة والمتابعة وفرض العقوبات في حال المخالفة لأحكامه.

 

المحور السادس

  تقدير كلفة تشــــريع القـــانون

إن التكلفة التقديرية التي يوفرها القانون للدولة عند التشريع سيكون ( 295 ) مائتان وخمسة وتسعون مليار دينار كإيراد إفتراضي خلال السنة،  ويوفر درجات وظيفية  تقدر بحوالي (10000) عشرة الآف درجة وظيفية كحد أدنى في هذه الجامعات استنادا إلى معايير تاسيس الجامعات والتي تحتاج إلى  ومتابعة وزارة التعليم العالي للشروط التي تم وضعها عن التاسيس ، وكما يأتي :-

أولاً :- عدد الجامعات والكليات الاهلية المعترف بها من قيل وزارة التعليم العالي بلغت عدد الجامعات والكليات الاهلية المعترف بها من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتي وردت في دليل الطالب للعام الدراسي 2015-2016 (45) خمسة وأربعون كلية وجامعة متوزعة على مجموعة من الاقسام وبحدود (240) قسم بالاختصاصات المختلفة وبالدراسة الصباحية والمسائية في عموم العراق ماعدا اقليم كوردستان[1] .

ولغرض احتساب الكلفة التقديرية للعائد (الايرادات ) المتوقع تحصيلة الى خزينة العامة لدولة، وعند الاطلاع على المعايير الكمية والمقاييس الخاصة بكافة متطلبات الاعتماد العام والخاص للمؤسسات التعليمية ألاهلية(الجامعات والكليات الاهلية) وضوابط استحداثها التي اقرتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كمتطلبات اساسية عند استحدات وتاسيس الجامعات والكليات الاهلية لغرض تحديد اعداد التدريسين والطلبة والعاملين في هذه الكليات نلاحظ جملة من المعلومات الضروية في عملية تقدير الايرادات العامة لهذه الموسسات وكما مبين في أدناه :-

1-بلغت عدد الاقسام الدراسية وبمختلف الاختصاصات في جميع تلك الجامعات والكليات الاهلية حوالي (240) قسم واعتماد فرضية (أن لكل مرحلة دراسية شعبتين) وكل شعبة (30) طالب ( معاييرالجودة ) فإن خطة القبول للمرحلة الاولى(60) طالباً وعند ذلك يصبح عدد الطلبة الاجمالي (240) طالباً لكل كلية من الكليات التي مدة الدراسة فيها أربع سنوات[2] .

 

 

2- على فرض ان معدل القسط السنوي للطالب الواحد خلال المرحلة الدراسة هو (2,500,000 ) مليونان وخمسمائة الف دينار سنوياً.

3- عليه تكون معادلة تقديرات التكلفة الاجمالية لاعداد الطلبة  كالآتي :-

عدد قسم × عدد الطلبة × (2) صباحي ومسائي = مجموع الطلاب في الدراسة الصباحية والمسائية

  • ×240 ×2 )= 115200 طلب كاحد ادنى.

4 -اجمالي الايرادات المتحققة التقديرية من الاقساط الدراسية هي :-

عدد الطلاب × القسط السنوي التقديري = مجموع الايرادات المتحققة :

(115,200× 2,500,000) = 288،000،000،000 مئتنان وثمانية وثمانون مليار دينار الايراد الافتراضي خلال السنة.

بالإضافة إلى أنه وحسب المادة 33من  الفصل السادس (الاحكام المالية ) من مسودة القانون يكون الايراد المتحقق كالاتي :-

000،000،000، 288× 3% = 8,640,000,000 ثمانية مليارات وستمائة واربعون مليون دينار كإيراد متحقق للدولة سنوياً .

ومن الجدير بالذكر ان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تستقطع نسبة (10%) لمقر الوزارة من الايرادات المتحققة من الدراسات المسائية الحكومية.

ثانيا ً :- الدرجات الوظيفية التي توفرها هذه الجامعات والكليات الاهلية والتي تساهم في تقليل البطالة ودعم القطاع الخاص وتخفيف الضغط على الموازنة العامة لدولة  من توفير الدرجات الوظيفية  لحملة الشهادات العالية او الاولية من الخرجين والتي يمكن ان تقدر بالاتي :-

يكون رئيس ومقرر القسم العلمي و75% من الملاك التدريسي على وفق الساعات الكلية للقسم العلمي والسعة المقررة للصف الواحد وحسب التخصص وبما يتفق مع توجيهات الوزارة بشان النصاب على الملاك الدائم بأوامر تعيين عند تأسيس الجامعة أو الكلية وقبل فتح القسم العلمي أو التخصص بما لايقل عن (4) تدريسيين من حملة شهادة الدكتوراه اثنان منهم بلقب أستاذ مساعد على الاقل وبالتخصص الدقيق في كل قسم في الكلية

 

، وبما ان عدد الاقسام التقديري بالجامعات والكليات الاهلية هو (240) قسم، ولكل قسم (4) تدرسيين بالاضافة الى رئيس القسم يكون اجمالي الدرجات الوظيفية المتوفرة بهذه الكلية هو (1200) درجة وظيفية    كحد ادنى، وهكذا لباقي الاختصاصات الادارية والفنية والخدمية والامنية التي سوف تتوفر عند اقرار هذا القانون والتي تقدر بحوالي (10000) عشرة الف درجة وظيفية كحد ادنى في هذه الجامعات استنادا الى معاير التاسيس الجامعات والتي تحتاج الى  ومتابعة وزارة التعليم العالي للشروط التي تم وضعها عن التاسيس[3].

      المحور السابع

البدائل أو خلاصة التقرير

لاشك أن جودة التشريع تتأثر بمدى كفاءة الإعداد والتحضير ودراسة الآثار المحتملة ، والتعرف على نتائجه المتوقعة منه ، ومناقشة البدائل المتاحة للتنفيذ أو لتغيير السياسات ، بمعنى أنه كلما تم التعرف على تأثير التطبيق المتوقع للتشريع قبل وضعه موضع التنفيذ ، كلما انعكس ذلك بشكل ايجابي على التطبيق الجيد ، وساهم أيضاً في توفير بيئة مناسبة من المتابعة والمسائلة والشفافية من ناحية ، وزيادة المشاركة المجتمعية لتحديد الأولويات والاختيار بين البدائل المختلفة ، ومن ثم تحقيق الرضا أو الاجتماع على السياسات والتشريعات وإضفاء الشرعية عليها من ناحية أخرى.

ومن خلال ما أوردناه من تحديد للمشكلة وتشخيص للأطراف المعنية بالتشريع والتشاورات وقياس كلفة القانون ومعرفة الآثار المحتملة لمحاسن التشريع ومخاطر تطبيقه  توصل التقرير إلى أن البديل التشريعي هو السبيل الأمثل للنهوض بقطاع التعليم الأهلي وأهميته ، وكما مبين في أدناه :-

 

أولاً :- إن بقاء الحال كما هو عليه بدون تشريع والذي يسمى ( البديل = صفر ) غير وارد لحاجة هذا القطاع إلى قانون ينظمه، وحتى لا يتعرض قطاع الجامعات والكليات الأهلية إلى الأضرار التي ذكرناها آنفاً لغياب القانون والواردة في المحور الأول المتعلق بالمشكلة.

ثانياً :- البديل الإجرائي : وتطبيق هذا البديل غير وارد أيضاً، لأن تعديل قانون الجامعات والكليات الأهلية رقم 13 لسنة 1996 لا يمكن إجراؤه بسبب أن معظم نصوصه قد تقادمت وتهالكت ، وأنه جاء ليعالج الدراسات الأولية دون العليا.

ثالثاً:- البديل التشريعي :- وهو المضي بتشريع قانون الجامعات والكليات والمعاهد العليا والأخذ  بالملاحظات الواردة على مشروع القانون والتي أوردتها الجهات والأطراف المتشاورة ودعمه بأنظمة وتعليمات مفصلة ومرنة ومتطورة تراعي التطور الحاصل في هذا القطاع، وتراعي ضمان الجودة والابداع وحرية الفكر

والاختراع وتوفير الفرص لأبعد حد بما لا يتعارض مع معايير الجودة والأداء ويتناسب بما لا يترك الشك أو يجعل الباب واسعاً للاجتهاد والتفسيرات، عندئذ سنكون أمام تشريع متكامل يحقق لنا محاسن التشريع الواردة سلفاً في محور التأثيرات اللاحقة للقانون، لاسيما أن تقدير كلفة مشروع القانون لا تكلف الدولة مبالغ كبيرة ، بل يتأتى للدولة أموال كثيرة عند تطبيق وتنفيذ القانون.

ولما تقدم نرى أن لفلسفة التشريع لدى النائب البرلماني أهمية خاصة، وان قياس أثر التشريعات يعد الحجر الأساس لمقومات التشريع الجيد كونها تمكّن النواب من صنع التشريعات من خلال التشاور مع المجتمع والتأثير فيه بشفافية ومعرفة المصالح العامة المستهدفة بالتشريع ، ومعرفة الأمور الجديدة التي تضمنتها مشروعات القوانين ومدى التوازن بين أعباء التشريع وعوائد تطبيقه وتوقيت تنفيذه وآليات إنفاذه أي وصف كامل لأبعاد التشريع، وتحديد البدائل وبلورتها سواء أكانت بدائل تشريعية أم إجرائية، وبالتالي فإن قياس أثر التشريعات يساعد صانع القرار ولا يحل محله ، فهو أداة للمساعدة في تصميم وتطوير السياسات من خلال تحديد وتقييم المشاكل المطروحة وبلورة الأهداف المرجوة واكتشاف الخيارات الرئيسية لتحقيق تلك الأهداف.

 وعليه فمن وجهة نظر دائرة البحوث من خلال التشاورات التي أوردناها وآراء الخبراء والأكاديميين المختصين يكون البديل التشريعي هو الخيار الأفضل لمعالجة هذا القطاع الهام للنهوض به وتطوره ، وتنمية المجتمع اقتصادياً واجتماعياً وأكاديمياً وعلمياً وثقافياً.

[1]– وزارة التعليم العالي والبحث العلمي .

[2]– المعايير الكمية والمقاييس الخاصة بكافة متطلبات الاعتماد العام والخاص للمؤسسات التعليمية االاهلية (الجامعات والكليات الاهلية) وضوابط استحداثها.

[3]-معيار الملاكات التدريسية (الدائمة والساندة) والموظفين ، أما ما يخص الموظفين فيجب تحقق الاتي :

أ- موظف فني واحد لكل مختبر يسع 25 طالبا فما دون .

ب- موظفان اثنان للتسجيل لكل 250 طالبا ويزداد العدد موظف آخر لكل 500 طالب جديد .

ج- موظفان اثنان لألقسام الداخلية لكل 50 طالبا قسم داخلي ويزداد العدد بمعدل موظف واحد لكل 50 طالبا إضافيا

دـ- موظف واحد إداري للسكرتارية في كل قسم .

هـ- موظف خدمة لكل 100 طالب.

و- موظفان اثنان لالستعالمات لكل 1000 طالب.