نحو تشريع قانون جرائم المعلومات ووسائل النشر

تعتبر جرائم النشر على شبكة المعلومات الالكترونية او ما يصطلح عليها قانونا بــ ( الجرائم المعلوماتية ) من الجرائم المستحدثة في الوسط التشريعي والقانوني , وينبغي على المشرع عنداعداد او صياغة اي تشريع متعلق باحدى هذه الجرائم ان يلتفت الى اختلاف طبيعة هذه الجرائم عن الجرائم التقليدية , وذلك لتعلقها باساليب مستحدثة ترتبط بالمعالجة الالكترونية للبيانات , والتعديل عليها ومافي حكم ذلك , مما يعني ان شبكة المعلومات الالكترونية قد نهضت بمستوى الجرائم التقليدية الى مستوى اخر غير المستوى الذي عهدناه في كتب ومراجع الجرائم التقليدية ’ وهذا التطور يتطلب النهوض وتطوير جوانب قانونية اخرى تتعلق بالتحري والاستدلال والضبط ونوع القضاء المختص وغير ذلك من الامور التي تتطرق لها هذه الدراسة والتي ترتكز على ثلاثة محاور :

المحور الاول : الجرائم المعلوماتية وانواعها

المحور الثاني : جرائم المعلوماتية في التشريعات العربية والعراق

المحور الثالث : النتائج ووسائل سد الفراغ التشريعي

المحور الاول

الجرائم المعلوماتية ـــــ انواعها

 

تشير إحصائيات الانترنت الخاصة في منطقة الشرق الأوسط  التي اصدرها الاتحاد الدولي للاتصالات في العام 2014 الى أن العراق يحتل المرتبة الخامسة في نمو استخدام الإنترنت والهواتف النقالة في المنطقة، وفي الوقت الذي لا تتوفر لدى وزارة الاتصالات العراقية إحصائية حول العدد الدقيق لمستخدمي الانترنت في العراق , الا ان الارقام تشير الى تصاعد مستخدمي الشبكة الالكترونية في العراق , وهذا الامر مدعاة الى تقنين الاستخدام وتحديد مدياته وفرض الجزاءات عند اساءة استخدامه وتجريم الاشخاص الذين يرتكبوا هذه الافعال , ولكي نقف على حيثيات ( الجرائم المعلوماتية ) لابد لنا من تعريف المصطلح ومن ثم بيان انواع تلك الجرائم .

 

الجرائم المعلوماتية :

( هي نشاط اجرامي ايجابي او سلبي تستخدم فيه تقنية متطورة تكنولوجيا بطريقة مباشرة او غير مباشرة كوسيلة او كهدف لتنفيذ الفعل الاجرامي العمدي في البيئة المعلوماتية )[1]

فالجريمة المعلوماتية قوامها احد سببين فقد تكون وسيلة للغش والتحايل والاعتداء او ان تكون الكعلوماتية نفسها محلاً للاعتداء , فارتكاب الجريمة يستدعي من الجاني استخدام وسيلة الكترونية ليرتكب الجريمة من خلالها

 

انواع الجرائم المعلوماتية

ليس من اليسير حصر الجرائم المعلوماتية , اذ تتعدد الاجهزة المعلوماتية المستخدمة في الجرائم المعلوماتية فقد يستخدم الحاسب الالي , او الهواتف النقالة الذكية , وكذلك الاقمار الصناعية تصنف كوسيط الكتروني , الا اننا سنقتصر في حديثنا على الجرائم المعلوماتية في هذا الجانب على الرائم التي ترتكب من خلال جهاز الحاسب الالي والهواتف الذكية , وتقسم الجرائم المعلوماتية من حيث طبيعتها الى :

اولا : الجرائم التي تقع على بيانات وبرامج الجهاز المعلوماتي , وهي على انواع :

1 ـ جريمة اختراق المواقع الالكترونية

أ ـ جريمة الدخول غير المشروع

ب ـ جريمة البقاء في النظام المعلوماتي عند الدخول اليه بصفة غير مشروعة او بطريق المصادفة

2 ـ جريمة التخريب العمدي او جرائم الاتلاف والتعطيل

3 ـ جريمة الاغراق الالكتروني

4 ـ جريمة السرقة المعلوماتية

 

ثانيا : جرائم الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية , وتقسم الى :

1 ـ جريمة التقليد ( النسخ ) المعلوماتي

2 ـ جريمة التعامل بالبرامج المقلدة

3 ـ جريمة ادخال برامج محمية منشورة في الخارج

ثالثا : جرائم التزوير المعلوماتي

رابعا : جريمة التعدي على الاديان والمذاهب ومخالفة النظام والاداب العامة

1 ـ جريمة التعدي على الاديان والمذاهب والطوائف

2 ـ جريمة عرض صور مخلة بالحياء

3 ـ جريمة التحريض على الفجور والدعارة

4 ـ جريمة العاب القمار

خامسا : الجرائم الماسة بامن الدولة

1 ـ الجرائم الماسة برئيس الدولة

2 ـ جريمة التحريض على قلب نظام الحكم

3 ـ جريمة المتاجرة بمعلومات واسرار الدولة

 

4 ـ جريمة التجسس الالكتروني

5 ـ جريمة الارهاب الالكتروني

سادسا : جرائم الاتجار بالبشر وترويج المخدرات وغسل الاموال

1 ـ جريمة الاتجار بالبشر

2 ـ جريمة عرض وبيع المخدرات

3 ـ جريمة غسل الاموال

4 ـ جريمة الاحتيال والنصب المعلوماتية

سابعا : جريمة السب والقذف

ثامنا : جريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة

 

المحور الثاني : جريمة السب والقذف ( نموذج لجريمة معلوماتية )

 

جرائم القذف والسب وافشاء السر 

القذف : هو اسناد واقعة معينة الى الغير باحدى طرق العلانية من شانها لو صحت ان توجب عقاب من اسندت اليه او احتقاره عند اهل وطنه (م 433)

السب : هو رمي الغير بما يخدش شرفه او اعتباره او بجرح شعوره وان لم يتضمن ذلك اسناد واقعة معينة (م434 )

افشاء السر : كل من علم بحكم وظيفته او مهنته او صناعته او فنه او طبيعة عمله بسر فافشاه في غير الاحوال المصرح بها قانونا او استعمله لمنفعته الشخصية او منفعة شخص اخر .(م437)

وقد اعتبر المشرع العراقي  نشر الصور او التعليقات الخاصة بالحياة العائلية او الافراد من توابع جريمة افشاء السر فقد نصت (م 438 ـ اولا )

( يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على سنة من نشر باحدى طرق العلانية اخبارا او صورا او تعليقات تتصل باسرار الحياة الخاصة او العائلية للافراد ولو كانت صحيحة اذا كان من شان نشرها الاساءة اليهم )

 

مواقع قذف وسب وتشويه سمعة الاشخاص[2]

ان الهدف الاساسي من تلك المواقع هو تشويه الرموز السياسية والدينية والفكرية ومحاولة تشكيك الناس في مدى مصداقية هذه الرموز , ومن جهة اخرى فقد يكون الهدف من تلك المواقع محاولة ابتزاز بعض الاشخاص بنشر الشائعات عنهم اذا لم يرضخوا ويدفعوا مقابل بدل مادي او جنسي لعدم التعرض لهم وتركهم دون تشويه سمعتهم وقد خلفت هذه الممارسات الكثير من الضحايا الذين تغير واقع حياتهم وانقلب راسا على عقب , في الوقت الذي يعيش فيه من اساء لهم بهدوء بعيدا عن اي طائلة قانونية والسبب في ذلك هو عدم مواكبة التشريعات التقليدية للتطور التكنولوجي المعاصر , فالاجرام الالكتروني لازال طليقا ولايوجد من يحاسبه في الوقت الذي يسري في المجتمع سري النار في الهشيم ويفتك بالبنية الاسرية والاجتماعية ويشوه سمعة الناس, وهناك شواهد كثيرة تحدث في كل يوم

التكييف القانوني لجرائم القذف والسب وافشاء السر [3]

ان جريمة السب والقذف وافشاء السر والتعرض للحياة الشخصية للافراد بغرض التشهير والخوض في اعراضهم من الجرائم التي تم تجريمها في كافة القوانين سواء في الدول العربية او الدول الاجنبية ايا كانت الطريقة او الوسيلة التي تتم بها تلك الجريمة والتي تتم بالطرق بالطريقة التقليدية عن طريق النشر في الصحف او المطبوعات او باحدى طرق الاعلام الاخرى ( م 433 ) بقذف وسب وتشهير سواء بشخص معين او بدولة من الدول او بدين من الاديان

واسباب ذلك التجريم تقوم على ان الحرية والديمقراطية التي تنعم بها الشعوب لايجب ان تنطوي على الاخلال بها وتجريح الاشخاص في اعراضهم ومبادئهم وشرفهم ونسب امور غير صحيحة لهم بغرض التشهير بهم وبمبادئهم والخوض في اعراضهم وفي حياتهم الخاصة التي هي ملك لهم وحدهم دون ان يكون لاي شخص اخر ان يخوض او يتدخل فيها باي شكل من الاشكال

وعليه فان جريمة القذف والسب والتشهير والتي تتم بالطرق الحديثة التي تتم باستخدام شبكة الانترنت او الهاتف النقال سواء كان هدفها شخص معين او دولة من الدول او دين من الاديان او طقس من الطقوس او الشعائر الدينية , فهي تقع تحت طائلة نفس النصوص القانونية التي تجرم تلك الافعال متى تمت بالطرق التقليدية , ولكن لازالت تلك الجرائم تبقى خارج اطار التجريم القانوني

ويمكن حصر الامور المجرمة قانونا في جرائم القذف والسب التي تقوم بالطرق التقليدية في الاتي :

1 ـ اسناد امور لو كانت صحيحة لاوجبت عقاب من تم اسناد هذا الامر اليه او احتقاره عن اهله

2 ـ اي سب بحيث يكون متضمنا خدشا للشرف او الاعتبار

3 ـ التعرض لانثى على وجه يخدش حيائها

4 ـ التعرض لحرمة الحياة الخاصة

ويكون ظرفا مشددا للعقوبة فيما اذا ارتكبت الجرائم سالفة الذكر في الاتي :

1 ـ اذا ما كان من تم سبه وقذفه موظفا عاما

2 ـ اذا ما تمت واقعة القذف والسب بطريق النشر في احدى الجرائد والمطبوعات

3 ـ اذا ماكان القائم بتلك الجريمة من تعرف على تلك الامور بمناسبة قيامه بعمله كالصيادلة والاطباء

مبدأ العلانية في جرائم الانترنت[4]

اشترط قانون العقوبات العراقي لتحقق جرائم القذف والسب وافشاء السر ان تكون هذه الافعال قد تمت باحدى ( طرق العلانية ) والسؤال الذي يطرح في هذه المناسبة هو :

هل ان استخدام الانترنت في جرائم القذف والسب وافشاء السر يعتبر محققا لركن العلانية في الجريمة ؟

الجواب هو : انه من المعلوم ان مواقع الانترنت والرسائل الاليكترونية في الوقت الحالي تتم بالصوت والصورة , وعادة ماترسل من اماكن خاصة ’ لذلك فان الجهر بها عند تلقيها بواسطة الكومبيوتر سواء تلقاها من كان في مكان عام او خاص فان هذا السلوك يتحقق به ركن العلانية في جرائم القذف والسب وافشاء السر

كذلك فان الجرائم عن طريق الهاتف النقال فانه يتحقق به ركن العلانية , وذلك لانه في العصر الحديث لايمكن القول بان جميع صور القذف او السب او افشاء السر بالهاتف غير علنية لان الهاتف صار وسيلة لنقل الصور والاصوات عن طريق التسجيل واستخدام الكومبيوتر وشبكات الانترنت لعدد غير محدود من الناس ليس على على المستوى المحلي فقط ولكن على المستوى العالمي ايضا .

ان ركن العلانية يتحقق اذا استخدم الجاني الانترنت عن طريق الحاسوب او الهاتف النقال لاذاعة القول او الصياح او ترديده او نشر الصور , فالعبارة ( طرق العلانية ) التي استخدمها المشرع مرنة ومن الممكن تطبيقها على وسيلة الانترنت .

 

ثانياً : اسباب مشكلة اساءة استعمال وسائل الاتصال

1 ـ الجهل من قبل بعض المستخدمين في أمور التكنولوجيا التي تتطور بين فترة وأخرى مما يعرضهم الى الوقوع في شراك الابتزاز والتحرش الجنسي

2 ـ عدم الاطلاع عبر الانترنيت إلى آخر ما توصل إليه العلم في نظام الاتصالات على الشبكة العنكبوتية .

3 ـ الادمان على استخدام وسائل الاتصال وعدم استخدامه بالصورة الايجابية المثلى

4 ـ ضعف الالتزام الديني والاخلاقي عند من يقوم بهذه الاعمال السيئة

5 ـ عدم وجود تشريعات وقوانين رادعة تجرم هذه الافعال

ثالثاً : رأي الفقه وعلماء الشريعة :

في استفتاء على موقع احد المراجع الدينية في العراق بشان التواصل عبر كاميرا الانترنت اجاب “ان فتح المرأة للكاميرا عبر شبكة الانترنيت لاي شخص واظهار مفاتنها وكشف عورتها لا يجوز وهو أمر حرام، ولها فقط ان تقوم بذلك مع زوجها”.

ولا تقف وجهة نظر الدين عند هذا الحد فهي تعد قيام المهندسين بتوفير انظمة خرق الحسابات الشخصية للنساء وتسجيل ما يدور عبر المحادثة معهن “خيانة واثم عظيم” وهذا راي احد علماء الدين ورئيس مجمع الفقه العراقي في ديوان الوقف السني والذي وضح الاحكام التي تجري على هذا الفعل بقوله” ان المهندس الذي يوفر هذه الانظمة والاشخاص الذين يستخدمونها ما هم الا خيانة للامانة وامانة الحديث على وجه الخصوص”، بدلالة آلايات القرآنية  (ان الله لا يحب الخائنين) و ( يا ايها الذين امنو لا تخونوا الله والرسول وتخونوا اماناتكم وانتم تعلمون ) و (وان الله لا يحب كل خوان كفور) و ( وان الله لا يحب من كان خوانا اثيما)”.

وكذلك يرى الفقه “الخيانة بصورة عامة حرام من وجهة نظر الدين، وتنصيب اجهزة او برامج معينة تستغل الفتاة بهذه الطريقة وتصورها بلا شك هذه خيانة للامانة ، والذي يعمل هذا العمل اثم”

المحور الثاني

جرائم المعلومات في التشريعات العربية [5]

تعد نصوص التجريم المقررة في قوانين العقوبات العربية عاجزة عن مواجهة خطر جرائم الحاسوب وامام هذا الواقع فينبغي علينا تحشيد الجهود والتدابير التشريعية الحثيثة لسد النقص الحاصل بايجاد قواعد تحيط بهذا النمط الخطر والمستجد من انماط الاجرام

ويعد قانون العقوبات العماني اول قانون عربي يتطرق الى مواجهة الجرائم المعلوماتية , من خلال التعديل الذي تم على قانون الجزاء العماني رقم 7 لسنة 1974 بموجب المرسوم السلطاني رقم 72 لسنة 2001 اذ شملت التعديلات على القانون اضافة الفصل الثاني الى الباب السابع تحت عنوان ( جرائم الحاسب الالي ) , ويعد هذا القانون باكورة القوانين العربية في مجال مواجهة الجرائم المعلوماتية من خلال تعديل قانون العقوبات

وتعد دولة الامارات العربية المتحدة اول دولة عربية تصدر قانونا مختصا في مكافحة جرائم المعلومات فقد صدر القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2006 في شان ( مكافحة جرائم تقنية المعلومات ) ويعد هذا القانون من القوانين النموذجية التي تناولت اغلب الجرائم المعلوماتية , وهو اول قانون في الدول العربية يصدر بشكل مستقل لمواجهة الجرائم المعلوماتية .

ويتكون القانون من تسع وعشرين مادة وشملت اغلب جرائم المعلوماتية ومن بينها جرائم السب والقذف والتشهير :

ـ التعدي على البيانات الشخصية

ـ التنصت او الالتقاط او الاعتراض عمدا من دون وجه حق لما هو مرسل عن طريق الشبكة المعلوماتية او احدى وسائل تقنية المعلومات

ـ استعمال الشبكة المعلوماتية او احدى وسائل تقنية المعلومات في تهديد او ابتزاز لشخص اخر لحمله على القيام بالفعل او الامتناع عنه

ـ التهديد بارتكاب جناية او باسناد امور خادشة للشرف او الاعتبار

ـ من حرض ذكرا او انثى او اغواه لارتكاب الدعارة او الفجور او ساعده على ذلك باستخدام الشبكة المعلوماتية او احدى وسائل تقنية المعلومات وتشدد العقوبة في حال توجيه الفعل للحدث

ـ تزيين المعاصي , او الحض عليها او الترويج لها

ـ الاعتداء على اي مبدا من المبادئ او القيم الاسرية او نشر اخباراو صور تتصل بحرمة الحياة الخاصة او العائلية للافراد ولو كانت صحيحة عن طريق الشبكة المعلوماتية او احدى وسائل تقنية المعلومات

 

جرائم المعلومات في العراق:

في العراق ، لم يصدر المشرع العراق قانوناً خاصاً بجرائم المعلوماتية  , ولكن أُدرجت مصنفات الحاسب الآلي ضمن المصنفات المشمولة بحماية حق المؤلف بموجب المادة (2) من قانون حق المؤلف رقم (3) لسنة 1971 ، كما تم أصدار التعليمات رقم (10) لسنة 1985 الخاصة بأنشاء اللجنة الوطنية لحماية حق المؤلف تنفيذاً لما جاء بالاتفاقية العربية لحماية حقوق المؤلف التي صادق عليها العراق بالقانون رقم (41) لسنة 1985 .

كما توجد عدد من مشاريع القوانين ذات الصلة والتي أعدتها الحكومة وقُدمت الى مجلس النواب لغرض تشريعها وهي :

  • مشروع قانون التوقيع الالكتروني والمعاملات الالكترونية ( 78 ) لسنة 2012
  • قانون تصديق الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم المعلوماتية رقم (31) لسنة 2013
  • قانون تصديق اتفاقية تنظيم احكام التوقيع الالكتروني رقم ( 101 ) لسنة 2012
  • مشروع قانون الاتصالات والمعلوماتية ( قُرأ قراءة ثانية ) .
  • مشروع قانون الهيئة الوطنية للمعلوماتية ( قُرأ قراءة اولى ) .

 

 

 

مشروع قانون جرائم المعلوماتية العراقي :

أعدت الحكومة العراقية مشروع قانون جرائم المعلوماتية وتم احالته الى مجلس النواب عام 2011 وتمت قراءته قراءة اولى في المجلس ولازال قيد التشريع , ويتضمن مشروع هذا القانون (31) مادة موزعه على اربع فصول حيث تضمن الفصل الاول التعاريف والاهداف والفصل الثاني الاحكام العقابية والفصل الثالث أجراءات جمع الأدلة والتحقيق والمحاكمة والفصل الرابع احكام عامة وختامية بالأضافة الى الاسباب الموجبة .

وقد اشار مشروع القانون في فصل الاحكام العقابية في ( مادتين فقط ) الى موارد سوء استخدام شبكة الانترنت لاغراض السب والقذف والتشهير

المادة 21

ثالثا ـ يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن سنة وبغرامة لاتقل عن (2000000) مليوني دينار ولاتزيد على (5000000) خمسة مليون دينار كل من اعتدى على اي من المبادئ او القيم الدينية او الاخلاقية او الاسرية او الاجتماعية او حرمة الحياة الخاصة عن طريق شبكة المعلومات او اجهزة الحاسوب باي شكل من الاشكال

المادة 22

ثالثا ـ يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على (2) سنتين وبغرامة لاتقل عن (3000000) ثلاثة ملايين دينار ولاتزيد على (5000000) خمسة ملايين دينار او باحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم اجهزة الحاسوب وشبكة المعلومات في نسبه للغير عبارات او صور او اصوات او اية وسيلة اخرى تنطوي على القذف والسب

 

ان الملاحظ على هاتين المادتين من ناحية موضوع البحث ما يلي :

1 ـ ان مشروع القانون لم يولي لجرائم الاداب اهمية بما يتناسب وبقية الجرائم التي شملها القانون كجرائم المال والغش والتلاعب والتزوير المالي والامن الوطني التي ذكرها

2 ـ ان مشروع القانون لم ينص صراحة على منع اساءة استخدام الهاتف النقال باعتباره وسيلة من وسائل الاتصال في جرائم المعلوماتية

3 ـ  ان مشروع القانون لم يعتبر الابتزاز الجنسي والتحرش عبر وسائل الاتصال جريمة من جرائم الاداب

4 ـ ان مشروع القانون لم يشر الى ان التعبير في شبكة الانترنت يعتبر وسيلة من وسائل العلانية التي على ضوئها يحكم بتجريم الاعمال كما نص على ذلك قانون العقوبات

5 ـ لم ينص مشروع القانون على استحداث دائرة خاصة بمكافحة جرائم المعلوماتية وتكون ضمن هيكلية وزارة الداخلية كما هو المعمول في عدد من الدول التي شرعت قانون الجرائم المعلوماتية الخاصة بها

6 ـ لم يشدد مشروع القانون العقوبات الخاصة بجرائم الاداب في حين نجد ان العقوبات الخاصة بالجرائم الاخرى اشد واقوى وهذا يثير التساؤل حول مدى مراعاة البنية الاجتماعية للمجتمع العراقي من قبل المشرع واهتمامه

7 ـ لم ينص مشروع القانون على اعتباره ظرفا مشددا للعقوبة فيما لو صدرت الجريمة من قبل الموظف او كان من عناصر الجيش او قوى الامن الداخلي او من كان حكم عمله يقتضي الاطلاع على خصوصيات الاشخاص كالاطباء والصيادلة

 

دائرة مكافحة جرائم الحاسبات ووسائل الاتصال في وزارة الداخلية [6]

 

ان استخدام الانترنت على نطاق واسع في تبادل المعلومات وفي المعاملات المالية والتحويلات المصرفية , ومايتطلبه ذلك من الحفاظ على سرية البيانات والمعلومات الشخصية يقتضي انشاء شعبة بوليس خاصة بهذه الجرائم لملاحقة الانتهاكات والجرائم التي تستخدم فيها الشبكة فشرطة الانترنت هو نوع من انواع الاجراءات والضمانات للمحافظة على حقوق الناس وحياتهم الخاصة , ان ذلك يقتضي ان تتكون هذه الشرطة من الضباط المتصفين باعلى درجة من التخصص والحرفية في تكنولوجيا الحاسبات واجهزة الاتصالات الاخرى وجديدة في نوعية عملها على اساس ان هذا العمل ليس ضبط المجرمين التقليديين الذين لازالوا يرتكبون جرائمهم بالطرق التقليدية القديمة , وانما لملاحقة مجرمين على اعلى درجة من التقنية العالية في مجال الحاسبات وشبكة الانترنت والهاتف النقال ويكون من الصعب ان لم يكن من المستحيل ان تتم ملاحقتهم الا باستخدام وسائل اكثر تطورا وبواسطة دائرة شرطة على اعلى درجة من التدريب والتخصص على تلك التكنولوجيا

ان زيادة عدد مستخدمي شبكة الانترنت في العراق والتنامي المطرد في وسائل الاتصال وما يترشح عن هذه الزيادة من خروقات جنائية في هذا البلد يستلزم مواجهة جرائمه بوجود دائرة بوليسية متخصصة في ذلك ومجهزة باحدث الوسائل التكنولوجية وتكون هذه الدائرة مكلفة بالسهر على هذا النوع من القضايا لتلقي البلاغات واتخاذ الاجراءات المناسبة

وهذا ما دابت عليه العديد من الدول الاجنبية والعربية في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكذلك في جمهورية مصر العربية والامارات وغيرها

المحور الثالث

 النتائج ووسائل سد الفراغ التشريعي [7]

 

1 ـ ضرورة تشريع قانون جرائم المعلوماتية

2 ـ تاخذ التشريعات العراقية بعين الاعتبار الطبيعة الخاصة لهذه الجرائم  ولاسيما فيما يتعلق بالاثبات في الدعاوى الناشئة عن هذه الجرائم سواء في ذلك الدعاوى الجنائية والمدنية والتاديبية

3 ـ تعديل قواعد الاجراءات الجنائية لتتلائم مع هذه الجرائم

4 ـ تخصيص شرطة خاصة لمكافحة الجرائم المعلوماتية من المدربين على كيفية التعامل مع اجهزة الحاسوب والانترنت

5 ـ تدريب رجال الادعاء العام والقضاء بشان التعامل مع اجهزة الحاسوب والانترنت والهواتف النقالة

6 ـ ينبغي ان ينص قانون العقوبات والقوانين ذات الصلة بالجرائم المعلوماتية على ان ( الانترنت ووسائل الاتصال الاخرى هي وسيلة من وسائل العلانية )

7 ـ يتعين اعتبار نشر وطباعة الصور الجنسية عن طريق الانترنت واستخدامها للابتزاز الجنسي او المادي او المعنوي مما يدخل في زمرة جرائم الاداب

8 ـ تفعيل دور منظمات المجتمع المدني للقيام بدورها في وقاية الشباب من الوقوع في الممارسات الخاطئة عبر الانترنت والهواتف النقالة

9 ـ نشر الوعي بين صفوف المواطنين بمخاطر التعامل مع المواقع السيئة واتاحة الفرصة لهم في مكافحة جرائم الابتزاز والتشهير والقذف وذلك من خلال ايجاد خط ساخن يختص بتلقي البلاغات المتعلقة بهذه الجرائم

 

 

 

 

المصادر :

 

1 ـ يوسف حسن يوسف / الجرائم الدولية للانترنت / 2011 المركز القومي للاصدارات

 

2 ـ عبد الفتاح بيومي / الجريمة في عصر العولمة / 2008 دار الفكر الجامعي

 

3 ـ خالد محمد كرفور /جرائم الكومبيوتر والانترنت / دار الغرير دبي

 

4 ـ قاعدة التشريعات العراقية

 

5 ـ منير محمد الجنبيهي /جرائم الانترنت والحاسب الالي / دار الفكر الجامعي 2006

 

6 ـ ناصر محمد البقمي / مكافحة الجرائم المعلوماتية / مركز الامارات 2008

 

7 ـ موقع سماحة السيد السيستاني على شبكة الاتصال الدولية  www.sistani.org

[1] حنان ريحان مبارك / الجرائم المعلوماتية / ص 37

[2] منير محمد الجنبيهي / جرائم الانترنت والحاسب الالي / ص 34

[3] منير محمد الجنبيهي / جرائم الانترنت والحاسب الالي / ص 37

[4] خالد محمد كرفور / جرائم الكومبيوتر والانترنت / ص 726

[5] ناصر محمد البقمي / مكافحة الجرائم المعلوماتية وتطبيقاتها / ص 65 ـ 67

[6] جميل عبدالباقي الصغير / الجوانب الاجرائية المتعلقة بالانترنت / ص 42

[7] عبدالفتاح بيومي / الجريمة في عصر العولمة / ص 50