نص كلمة مجلس النواب في مؤتمر الجمعية البرلمانية الاسيوية المنعقد في اسطنبول

القت رئيسة وفد مجلس النواب العراقي النائبة الا الطالباني اليوم الجمعة 30/11/2018 كلمة العراق ممثلا بمجلس النواب في مؤتمر الجمعية البرلمانية الاسيوية المنعقد في مدينة اسطنبول التركية .. وفيما يأتي نص الكلمة:

السيد رئيس الجمعية البرلمانيه الاسيويه المحترم ..
السيدات والسادة ممثلو البرلمانات الاسيويه المحترمون..
افضت التحولات في منظور العلاقات الدولية وتغيرات النظام العالمي في ظل سياسات العولمة والتطور التكنولوجي الهائل الى جعل العالم كقرية صغيرة اذ من غير الممكن لأي دولة في العالم بأن تتبع سياسة العزلة والاكتفاء على نفسها وبوصف العراق مركزاً استيراتيجياً فعالا عبر حسابات الموقع الجيوستراتيجي ضمن نطاقة الاقليمي فقد اصبح يؤثر في هيكلية التحالفات والتوازنات الاقليمية على الرغم من ان العراق قد خرج للتو من اعتى حرب وجودية خاضتها ضد التنظيمات الارهابية ، الامر الذي منحه قوة اضافية في مضمار السياسة الخارجية شهد العراق تغيرا في منظوره للعلاقات الدولية بعد تغير النظام السابق وتأسيس النظام الديمقراطي الجديد وعلى الرغم من الكثير من المعوقات والتحديات التي رافقت ولادته الا أن سياستنا الخارجية اتسمت بالانفتاح على جميع دول العالم بشكل عام والدول الاقليمية على وجه الخصوص استناداً الى المصالح المشتركة
وبعد اندحار الارهاب تتجه السياسة الخارجية العراقية نحو الدول الاقليمية الى التأثير بشكل فعال ضمن رؤية اوسع لتشكيل صيغة مختلفة للتفاعلات الاقليمية والتي تستند بالنسبة للعراق على مبدأ الحراك الفعال دون الوقوع في تخندقات المحاور بكافة اشكالها التي تعكس بشكل او بآخر على المكانه الاقليمية المرتقبة للعراق وهذا يعني تبني انموذج سياسة عدم الانحياز وعدم وقوع الدولة العراقية في المجال الحيوي لاحدى الاستراتيجيات الاقليمية المندفعة
وفي الوضع الاقليمي الراهن فإن العراق متجه لتطبيق انموذج التوازن الفعال وهو انموذج يسعى لتحقيق سياسة داخلية متوازنة تؤدي دور التوازن الاقليمي بما يؤهل العراق ليكون قوة استراتيجية حقيقية متوازنة وموازنة للاسترتيجيات الاقليمية فيحول دون تصادمها الوجودي ويخلق استقرارا استراتيجياً شرق اوسطياً وهذا يعني دولة عراقية قوية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً قادراً على حفظ التوازن الايجابي بين استيراتيجيات المنطقة ، فبقاء العراق ضعيفاً سيقود الى تصادم حقيقي بين الاستيراتيجيات الكبرى وتشتته سيؤدي الى اعادة رسم للخارطة السياسية الاقليمية لأغلب دول المنطقة
ويد العامل الاقتصادي من اهم ابواب الانفتاح بين الدول سياسياً اذ يشهد العراق تبادلاً تجارياً واسعاً مع محيطه الاقليمي لا سيما مع تركيا والجمهورية الاسلامية في ايران وكافة الدول الاخرى
سيداتي سادتي اليوم العراق يمثل ارض خصبة للاستثمارات فانه يفتح ابوابه الى جميع دول المنطقة من اجل الاستثمار وخصوصاً المناطق التي تعرضت للدمار جراء احتلال داعش لها وبما ان العراق يعيش اليوم استقراراً نسبياً في المجالين السياسي والامني فإن المسارات معبدة لانفتاح اكبر واوسع ، الامر الذي يمهد لخلق بيئة جيدة للانطلاق بتفاهمات ، والوصول الى اتفاقيات بين العراق والدول الاقليمية من اجل تسوية الكثير من الملفات وفي مقدمتها ملف المياه مع الجارة تركيا في ظل ما يعاني منه العراق من نقص واضح في المياه في فصل الصيف وكذلك تفعيل لجان الصداقة البرلمانية ، الامر الذي يعزز فكرة الدبلوماسية البرلمانية والتي تمثل احدى اهم الادوات في الانفتاح على الدول الاقليمية من خلال نافذة البرلمان .
وعلى الرغم من المقومات المهمة التي تسهم في بناء علاقات اقليمية سليمة قائمة على حل النزاعات والمشاكل بالطرق السليمة ومبنية على المصالح المشتركة بين العراق ومحيطه الاقليمي الا ان المنطقة تمر بمنعطف خطير يتمثل بالعقوبات الامريكية المفروضة على جارتنا ايران اذ ان هذه العقوبات ستغير الكثير من المعادلات الاقليمية والدولية وموقف العراق منها سيكون ذا حساسية سياسية شاخصة لانه اكثر من سيتأثر بهذه العقوبات وذلك لان العراق لديه علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية مع الجانب الايراني وبما ان العراق دولة ذات سيادة فان الموقف الرسمي من العقوبات تؤكد بان العراق ليس جزءاً من العقوبات الامريكية على ايران وهذه السياسة تنسجم مع القوانين الدولية اذ ان هذه العقوبات بين دولتين وليس قراراً اممياً كي يلتزم به العراق ويطبق مضامينه كما ان سياسة العراق الخارجية تنطلق من رؤية سياسية تؤكد رفضه في ان يكون جزءاً من اي اعتداء على اي دولة جارة ويرى العراق بضرورة الوصول الى تسوية مع الجانب الامريكي من اجل استثنائه من تطبيق هذه العقوبات لوجود مصالح مشتركة واسعة بين الجانبين العراقي والايراني ولما لهذه العقوبات من انعكاسات سلبية على البنية الاقتصادية والسياسية على العراق.
واخيراً فان هذه المرحلة الحرجة من تاريخ المنطقة تتطلب قيام علاقات دولية متوازنة بين دول المنطقة قائمة على المصالح المشتركة وحل النزاعات بالطرق السلمية وعدم التدخل بالشأن الداخلي للدول وهذه الرؤية السياسية تمثل حجر اساس للتخفيف من الاحتقان والتوتر السياسي الذي يهدد استقرار المنطقة بأسرها ومن هنا ندعو برلماناتنا الى تعزيز لجان الصداقة فيما بينها وتبادل الزيارات ذات العلاقه لترسيخ اسس التعارف ولعمل ابناء لبلدتنا
وفي الختام نشكر ثقتكم وموافقتكم على استضافة بلدكم العراق لاجتماع لجنة التخطيط والموازنة القادم في العاصمة بغداد السلام ويتشرف مجلس النواب العراقي بالعمل لتهيئة مستلزمات الاجتماع القادم مطلع العام المقبل ان شاء الله

اهلاً ومرحباً بكم في بغداد