نص كلمة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بمناسبة يوم الشهيد العراقي

 

في هذه المناسبةِ العزيزةِ على القلوبِ والتي تؤرخ لرحيل رمزٍ وطني وديني بارزٍ وفاعلٍ هو سماحة السيد محمد باقر الحكيم (عليه من الله الرحمات)، حين أقدم الظلاميون واعداءُ العراق على استهداف حياتِه وحياةِ العشرات من المصلين، وهو يؤدي صلاتَه ليرتقي شهيداً ويحققَ أمنيتَه التي عاش من اجلها ويحظى  بلقبِ شهيدِ المحراب أسوةً بأجدادِه الشهداءِ السائرين على طريق التضحيةِ والفداءِ والصبر والثبات على طريقِ الشرف والمبادىء الذي سالت فيه أنهارُ الدماءِ التي قدمها الشهداءُ، والتي تمثل مسؤوليةً ثقيلةً تتشكل في إطارِ استحقاقاتٍ والتزاماتٍ لا يمكن التفريطُ بها في أي حال، وهذا ما يجعلُنا اكثرَ حرصا على مراقبة بوصلة العمليةِ السياسية من ان تخرجَ عن مسارها أو تبتعدَ عن مهمتِها في إرساء العدل وأسسِ الدولةِ الصحيحة.

‏إننا اليوم مطالبون بإنجازِ تلك البداياتِ التي كانت تؤسس لعراقٍ جديدٍ تتحكم فيه قيمُ العدلِ الإنسانيةِ والدولةِ الرشيدة، ولكن وللأسف الشديد ما زال أمامَنا الكثيرُ لتحقيق هذه الطموحات التي تأخرت كثيرا بسبب ما واجهناه من هجمة ارهابية شرسة من جانب ومن تغوّلٍ للفسادِ من جانبٍ آخر، حتى تعثرت مساعينا وتأخر مشروعُ الدولةِ الواعدة وتراجعت الخدماتُ الى حدٍ غيرِ معقول، وتلكأت مشاريعُ الاعمار وضاع الكثيرُ من الوقت والجهد والمال، ما يجعلُنا امام حقيقة أن الوقتَ قد حان لدعم القوى الخيّرةِ والوطنيةِ لإخراج العراق من محنتِه، وتحقيق مشروع الاصلاحِ المتمثلِ بالتخلصِ من بقايا الارهاب وحيتان الفساد، وتحقيق هيبةِ الدولة بحصر السلاحِ بيدِها، ومنعِ السلاح المنفلت لضمان ‏أمن المواطنين والعمليةِ السياسيةِ وعدم تدخلِه في نتائج الانتخابات، وحصرِ قوتِه بيدِ الدولة ‏لمواجهةِ الإرهاب والجريمةِ المنظمة، وتعزيز قدرات قواتِنا الامنية والعسكرية، واعتمادِ معاييرِ الجودةِ المهنية في تقييم الإنجاز، وتقديم القويِ الأمينِ ليشغَلَ موقعَه المتقدم في مشروع الاصلاح المأمول.

ونحن نستعد لإجراء الانتخاباتِ المبكرة والتي ستؤسس بعون الله لمرحلة جديدة، فإن هذه الايام تُعدُّ فاصلةً ومهمةً في تاريخ العملية السياسية، حيث نتحمل اليوم المسؤوليةَ أمام تحدياتِ الظرفِ الاقتصادي الصعبِ الذي يمرُّ بِنَا والذي صار يهدد مستقبلَ التنمية في العراق، بل ويهدد مصدرَ عيش المواطن، وهو ما دعا مجلسَ النواب الى رفضِ جميعِ الاستقطاعات المطروحة في مشروعِ الموازنة من المواطن، لكي لا نضيف هماً جديداً الى همومِه المتراكمةِ والتي طال انتظارُ حلِّها، كما لا يمكن اغفالُ معاناةِ النازحين ومصيرِ المغيبين،  وضرورةُ الوقوفُ على الانتهاكاتِ التي يتعرضُ لها المواطنون هنا وهناك من جراءِ السلاحِ المنفلت الذي بدأ يشكل ظاهرةً مقلقة للمواطن والدولة.

إن أثرَ التراجع الاقتصادي لن يقتصرَ على الجانب المعيشي للمواطن فحسب، بل سيقوّض – إنْ استمر تدهورُه – كلَّ الجهودِ التي بُذلت في المرحلة الماضية لبناء الدولة، ويطفئَ اخرَ شمعةِ أملٍ، ويرجّحَ الفَوضى والتشظي لا سامح الله وقدّر .
وإني لأجدُ هذه المناسبةَ وهذا اللقاء خيرَ فرصةٍ للمصارحة حول صياغةِ التصورات عن المرحلة الحالية والقادمة، وبحضورِ هذه النخبةِ الخيرة من القادةِ وصناع القرار، خصوصا ونحن نقترب من الموعدِ الذي حدده مجلسُ النواب للتصويت على الموازنة والتصويت على تعديل قانونِ المحكمةِ الاتحادية والتشريعات الممهِدة لإقامة انتخاباتٍ حرة ونزيهة، فقد عمل مجلسُ النواب ومنذ اليوم الاول لانطلاق دورتِه ومرورا بمرحلة التظاهراتِ المطلبيةِ والتي نادى بها الشعبُ وكانت خطواتُنا متوازنةً دوما بين ما يطمح له المواطنُ وما تتطلبه الأُطرُ الدستوريةُ والقانونية في مقاربةٍ ليست سهلةً، نعتقد أن المجلس قد أدارها وبالتعاون مع الكتلِ السياسية بروحٍ وطنيةٍ مسؤولة ومخلصة.

 

٠