دور مجلس النواب في صنع السياسة العامة

الملخص التنفيذي

تعد السياسات العامة احدى مظاهر نجاح الدولة أو فشلها في تأمين مبررات وجودها بحسب المفاهيم التي ارتكزت عليها الكثير من الأفكار والمعتقدات.

ويرى الكثير من المختصين في موضوع السياسات العامة إن الأخير مفهوم معقد ويتداخل مع الكثير من المفاهيم كالخطة، والمشروع، والبرنامج. وقد تعددت  تعريفاته إلا أن موضوع السياسات العامة يرتبط بشكل مباشر بوجود مشكلة معينة وهذه المشكلة يُفترض إنها عامة ويرتبط حلها باتخاذ قرار سياسي لصناعة البدائل.

وعملية صنع السياسات العامة تشارك فيها العديد من الجهات، ويُقسمها البعض إلى جهات رسمية هي: مجلس النواب والسلطة التنفيذية، وجهات غير رسمية هي: الأحزاب وجماعات الضغط، ومؤسسات المجتمع المدني، والمواطنين.

ولدى مجلس النواب مجالات تقع في صلب اختصاصاته في صنع السياسات العامة، فعملية تشريع القوانين وعملية الرقابة، تعد واحدة من أهم مراحل عملية صنع السياسة العامة للبلد، على الرغم من أن الدستور لم ينص إلى ذلك بوضوح، بل إن مفردة السياسة العامة لم ترد في الدستور إلا في مادتين (78-80) وألقت مسؤولية تخطيط وتنفيذ السياسات العامة على السلطة التنفيذية.

وتعترض مجلس النواب الكثير من المعوقات في صنع السياسات العامة، كالتوافق في اقرار القوانين، واعتماد الديمقراطية التوافقية في تشكيل الحكومة وعدم وجود معارضة قوية داخل مجلس النواب، فضلاً عن غياب بعض اعضاء المجلس عن الجلسة والمقاطعات السياسية.

لذا فأن تلك المعوقات تستلزم وضع حلول لها، أبرزها تأسيس “مجلس أعلى للسياسات العامة”، بالإضافة إلى مغادرة مبدأ التوافق في تشريع القوانين، والعمل على ضمان تطبيق الآليات المتبعة للحد من غياب النواب، أو أيجاد آليات أخرى تحد من تلك الظاهرة؛ كما أن عملية صنع السياسات العامة داخل مجلس النواب تتطلب وجود معارضة قوية داخل المجلس لضمان متابعة ومراقبة أداء الحكومة لتقويم السياسة العامة.

 

المحور الأول:

مفهوم السياسة العامة (إطار نظري)

يظن البعض إن مفهوم السياسات العامة لا يحتاج إلى تفكيك وتوضيح لماهيته ، إلا أن هذا الاعتقاد يبتعد عن تشخيص مفهوم المصطلح، فتعدد التعريفات وتباينها يوضح مدى صعوبة معرفة مقاصد المفهوم وطبيعته.

وهذا يدفعنا إلى تحديد مفهوم السياسة العامة ومراحل صنعها، فقد تعددت التعاريف للسياسة العامة، إذ يورد (جيمس أندرسون) تعاريف عدة منها تعريف (رجارد روز) السياسة العامة بأنها: “سلسة من الأنشطة المترابطة قليلاً أو كثيراً”، وأن نتائجها تؤثر على من تهمهم مستقبلاً وليست قرارات منفصلة.

أما (كارل فردريك) فعرف السياسة بأنها:  برنامج مقترح لشخص أو لجماعة أو لحكومة في نطاق بيئة محددة لتوضيح الفرص المستهدفة والمحددات المراد تجاوزها سعياً للوصول إلى هدف أو لتحقيق غرض مقصود. في حين يعرفها (جيمس أندرسون) (برنامج عمل هادف يعقبه أداء فردي أو جماعي في التصدي لمشكلة أو لمواجهة قضية أو موضوع)، فالتعريف يركز على ما يتم فعله في إطار ما يستوجب أو يراد فيه تمييزاً للسياسة من القرار الذي هو مجرد خيار من بين البدائل.([1])

والسياسة العامة عملية منظمة منضبطة، تجري على وفق تسلسلات زمنية محسوبة، وصنع السياسة العامة هي المرحلة المحورية في العملية السياسية التي تتخذها الحكومة بقصد الوصول إلى اتفاق على تعريف المشكلة والتعرف على بدائل حلها وأسس المفاضلة بينها، تمهيداً لاختيار البديل الذي يقترح اقراره في شكل سياسة عامة ملزمة تنطوي على حل مقبول للمشكلة.([2])

هذا يعني أن صنع السياسات العامة يمر بعدة مراحل، ويختلف تقديم هذه المراحل من باحث لآخر إلا أنها تكاد تتفق في عناوينها الرئيسية، ومراحل صنع السياسة العامة هي:

  • صياغة المشكلة: ما مشكلة السياسة؟ وما الذي يجعلها عامة؟ وما تسلسلها في أجندة الحكومة؟
  • التكوين والبلورة: كيف تصاغ أو تطرح البدائل للتعامل مع المشكلة التي صيغت ومن هم المشاركون في صياغة السياسة العامة؟
  • التبني: كيف يُنتقى البديل المفضل ويصاغ مشروعاً للسياسة العامة، وكيف يشرع، وما مستلزمات ذلك؟ وما الخطوات التي تتبع والمضمون الذي يدخل فيها؟
  • التطبيق: من هم المعنيون؟ وما الذي يفعلونه لتنفيذ السياسة؟ وما الذي سيتركه التنفيذ على مضمون السياسة؟
  • التقويم: من هم الذين يقومونها؟ وأين تذهب نتائج التقويم؟ وكيف توظف وهل ستؤدي إلى تغيير أو تعديل فيها؟([3])

وببساطة يمكن أن نقول أن السياسات العامة هي النشاطات التي تقوم بها الحكومة وتشمل تقديم الخدمات العامة كالتعليم والرعاية الصحية والطرق والإسكان كما تشمل نشاطات النظام العام وتنظيم النشاطات الفردية والجماعية عن طريق قوات الشرطة والأمن العام ومفتشي الأسواق وتتضمن إدارة ومراقبة الأدوية والأطعمة بالإضافة إلى التحكم في الأنشطة السياسية والاجتماعية كتنظيم الأسرة وتنظيم السير وغيرها من الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.([4])

ولا بد أن نؤشر إلى أن مصطلح “السياسات العامة” (public policy) يتداخل إلى حد ما مع مصطلحات عدة كمصطلح “الخطة” (plan) و”البرنامج” (program) و”النشاط” (activity) و”المشروع” (project)، وعادة ما تستخدم هذه المصطلحات للتعبير عن السياسات العامة رغم وجود تباين بينها وبين مفهوم السياسات العامة.

المحور الثاني:

صانعو السياسة العامة

تتميز عملية صنع القرار بتنوع صانعيها، فليس من الضرورة أن تضطلع المؤسسات الحكومية لوحدها في عملية صنع السياسات العامة، فقد تشارك هذه المؤسسات جهات مجتمعية واسعة، ويُقسم باحثون صانعي السياسات العامة إلى رسميين، وغير رسميين:

أولاً:صانعو السياسة العامة الرسميون:

يرى السيد (اندرسون) أن صانعي السياسة العامة الرسميين هم الأفراد الذين يتمتعون بالصلاحيات القانونية التي تسمح لهم بالمشاركة في صنع السياسة العامة، ويدخل ضمن صانعي السياسات رجال المجالس التشريعية وأعضاء السلطة التنفيذية والإداريين والقضاة، فكلهم ينفذون السياسات العامة يسهمون في صنعها ولكن بطرق ودرجات متباينة. ([5])

ويشير (أندرسون) إلى مسألة في غاية الأهمية، إذ يميز بين متخذي السياسات الأساسيين ومتخذي السياسات الثانويين أو المساعدين، فالفريق الأول يتمتع بسلطات دستورية مباشرة للتصرف، فالبرلمانيون مثلاً لا ينتظرون تفويضاً من أية جهة رسمية لتشريع لائحة ما، أما الفريق الآخر فلا يتمتع بمثل هذه السلطات بل يعتمدون على تخويل من الفريق الأول. ([6])

ثانياً: صانعو السياسة العامة غير الرسميين:

وإلى جانب الجهات والقوى الرسمية التي تشارك في صنع السياسة العامة، هناك مشاركون غير رسميين مثل الجماعات المصلحية، والأحزاب السياسية، والمواطنين بصفتهم الشخصية. وقد تمت تسميتهم بغير الرسميين على الرغم من أهمية الدور الذي يؤدونه في مختلف الظروف لكونهم لا يشاركون بصفة رسمية، أي أنهم لا يتمتعون بسلطة قانونية تعطيهم الحق في صنع قرارات ملزمة. ([7])

المحور الثالث:

مجالات مجلس النواب في صنع السياسة العامة

 أولاً: تشريع القوانين

تستخدم لفظة صنع السياسة ( policy making  ) للتأكيد على أنها حصيلة عملية سياسية متعددة الخطوات والمراحل ، وأنها نتاج لمساهمة أطراف متعددة ومن مستويات وتخصصات وصلاحيات متباينة . فالسياسات العامة بمعنى آخر تعد وتصنع على غرار مراحل عمليات الإنتاج التي تمر بها السلع المادية لكنها أعقد بكثير منها.([8])

لذلك يطرح أحد الباحثين السؤال: ماذا يفعل المشرعون؟ ويجيب:  أنهم يشرعون، أي أنهم يقومون بالدور المركزي لتشريع القوانين وصنع السياسات في النظام السياسي، ولا يمكن إضفاء هذه السمة عليهم لمجرد أنهم مخولون دستورياَ، وإنما يستلزم الأمر ممارستهم الفعلية لذلك، وهذه الممارسة تقررها التطبيقات والشواهد العلمية، وليس مجرد الادعاء.([9])

وقد رسم الدستور العراقي لعام 2005م اختصاصات مجلس النواب، أبرزها: التشريع والرقابة([10]). فقد ورد في اختصاصات مجلس النواب وتحديداً المادة (61) أولاً: أن المجلس يختص بـ(تشريع القوانين الاتحادية).

ثانياً: الرقابة على أداء السلطة التنفيذية.

وجاء في المادة (60) من الدستور

أولاً: مشروعات القوانين تقدم من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء.([11])

ثانيا: مقترحات القوانين تقدم من عشرة أعضاء مجلس النواب، أو من إحدى لجانه المختصة.([12])

وتمثل المراحل الأولى من مراحل العمل التشريعي، ويطلق على اقتراحات القوانين من جانب السلطة التنفيذية اسم (مشروعات قوانين)، أما تلك التي تصدر من أعضاء البرلمان يطلق عليها اسم (مقترحات قوانين) ([13])، ويرجع السر في تسمية الأولى لمشروعات قوانين إلى أن الحكومة تقدم إلى البرلمان عادة اقتراحات مدروسة في صورة مشروعات صيغت بشكل قانوني وليس على البرلمان إلا دراستها ومناقشتها و التصويت عليها، في حين أن المقترح هو مجرد فكرة لإصدار قانون ومبرراته([14])، إن ذلك ما يبرره حيث أن السلطة التنفيذية هي التي تقوم بتنفيذ القوانين وتلامس حاجات المجتمع وتلمس ما ينتج من تطبيق القوانين من صعوبات وثغرات، وهي تقدم مشروعات القوانين بعد دراستها من جهات عديدة؛ الأمر الذي يستوجب إحالتها مباشرة إلى اللجان المختصة بالمجلس دون تطلب إجراءات مسبقة يكون من شأن أتباعها تعطيل دراستها ومناقشتها([15]).

وبما أن السياسة العامة ينبغي أن تنبع من مشكلة قائمة، لا بد أن تكون هناك وسائل يستطيع بمقدورها النائب تحسس تلك المشكلة كي يدلو بدلوه في تقديم الحلول المناسبة لها عبر تشريع قانون يسهم في حل المشكلة أو التقليل من آثارها. ولكن ما هي الوسائل التي يستطيع من خلالها النائب تأشير المشكلة؟.

يتم تحديد المشكلة في مجلس النواب عن طريق اللقاءات المستمرة والمعقودة بين الأعضاء والمواطنين إما عبر مكاتب الأعضاء المنتشرة في المحافظات، أو عبر الزيارات الميدانية التي يقوم بها العضو الى الدوائر المرتبطة لاختصاص اللجنة التي هو فيها، أو من الحالة المعاشة والتي يحس بها المواطن ( مثل المشكلات الخدمية كالكهرباء والنقل وغيرها )، كما ويمكن رصد المشكلات من خلال الخدمات المتنوعة التي تقدمها دائرة البحوث في مجلس النواب، إذ تسهم هذه الدائرة بتوفير المعلومات والبحوث والدراسات للسادة اعضاء المجلس، وهذه الدراسات والبحوث إما تقدم حل لمشكلة قائمة عبر توفير البدائل والخيارات سبق أن شخصها النائب، وإما تسليط الضوء على مشكلة معينة يستطيع النائب من خلالها تقديم مقترح قانون.

وعند الإحساس بالمشكلة من قبل النائب تطرح على اللجنة وعلى اللجان المختصة ذات العلاقة بها ، وعند التأكد من أن المشكلة تحتاج إلى تشريع وأنها تخدم المصلحة العامة تصاغ لها صياغة قانونية، فإذا كان للتشريع ( مقترح القانون ) تبعة أو جنبه مالية فإنها تحتاج إلى مخاطبة وزارة المالية لأجل معرفة وجود رصيد مالٍ كافٍ لتمريره فقد يطول هذا الأمر( ستة أشهر )([16])

ثانياً: الرقابة على تنفيذ القوانين

إن مساهمة البرلمان في صنع السياسة العامة لا يتوقف على سن التشريعات و النصوص القانونية و إلزام الحكومة بتنفيذها، بل يتعداه إلى الرقابة على أعمالها، لذلك فقد مُنح البرلمان آليات للرقابة لتمكينه من مراقبة مدى تقيد و تنفيذ الحكومة للتشريع باعتباره الأداة القانونية لتنفيذ سياساتها و برامجها المُقرة من طرفه.

من جانب آخر لم ترد في الدستور مفردتي “السياسة العامة” إلا في مادتين: (78 و 80)، وقد خولت هاتان المادتان رئيس مجلس الوزراء ومجلس الوزراء “تخطيط وتنفيذ” السياسة العامة. فقد نصت المادة (78)على أن: “رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة”. وجاء في المادة (80) في البند أولاً: “يمارس مجلس الوزراء تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة، والخطط العامة”.

إن أهم مراحل صنع السياسات العامة هي مرحلة التقويم ، وعملية تقويم السياسة بوجه عام تهتم بتقدير وتثمين ورصد الآثار عندما بعد عملية تطبيق هذه السياسة.

وهناك طرق لتقييم السياسة العامة من خلال نزاهته وكلفته المادية وكفاءته التي ترافق تنفيذ البرنامج، وليست الحكومة هي المعني الوحيد في تقويم السياسة العامة، بل إن مجلس النواب وعبر لجانه المتخصصة يتابع تنفيذ القوانين التي تم تشريعها، كما يراقب نزاهة المؤسسات المعنية بتنفيذ القوانين، وهنا يأتي دور التقييم، ففي بعض الأحيان يجد المشرع هناك ثغرات لم يتناولها القانون، او أن هناك بعض المواد بحاجة إلى تعديل لتواكب المستجدات، بالتالي تأتي مرحلة التعديل في السياسة العامة كي تستطيع غلق تلك الثغرات وتلافي الأخطاء.

المحور الرابع:

معوقات صنع السياسة العامة في مجلس النواب

يعترض مجلس النواب الكثير من المعوقات تقف دون ممارسة الدور التشريعي والرقابي الحقيقي الذي يسهم بدوره في صنع السياسة العامة، منها ما هو مباشر ومنها ماهو غير مباشر وسنحاول تسليط الضوء على أبرز هذه المعوقات من خلال النقاط الآتية:

  • عدم وجود رؤية دستورية واضحة أو قوانين، تناولت موضوع السياسات العامة، وقد ورد في نصوص الدستور في مادتين فقط كما ذكرنا سلفاً، على الرغم من أن الدول الديمقراطية تعتمد السياسات العامة كأساس في تسيير حكوماتها، لما لها من دور في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومختلف المجالات الأخرى.
  • أكد الدستور على مبدأ الفصل بين السلطات، والفصل لا يعني التعارض إنما التعاون لتحقيق التكامل المؤسسي، إلا أن ما لمسناه خلال المرحلة التي أعقبت تغيير النظام السابق أن هناك توتر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية مما يؤثر سلباً على عملية تشريع القوانين والمراقبة على أداء الحكومة.
  • اعتمد مجلس النواب خلال أداءه التشريعي على مبدأ “التوافق” الذي يشير إلى ضرورة توافق جميع الكتل السياسية داخل مجلس النواب على سن قانون معين قبل عرضه للتصويت، وهذا بدوره تسبب في تأخير اقرار الكثير من القوانين، لا بل أن هناك قوانين ذات أهمية بالغة لا زالت على رفوف المجلس منذ سنوات عديدة.
  • إن اقرار القوانين داخل المجلس تتطلب انعقاد جلسات اعتيادية، وهذه الأخيرة تستلزم وجود النصاب القانوني، إلا أن كثير من الجلسات المهمة تؤجل بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني لغياب بعض النواب، أو بسبب المقاطعات السياسية للكتل، وعلى الرغم من أن هيأة الرئاسة في المجلس فرضت غرامات مالية على المتغيبين، إضافة إلى اجراءات اخرى، إلا أنه لم يمنع من غياب البعض، وهذا ما يتسبب في تأخر تشريع القوانين ذات المساس بمصلحة المواطن.
  • عدم وجود معارضة قوية داخل مجلس النواب تراقب أداء الحكومة، كي تقوم بعملية تقييم السياسة العامة للحكومة ورصد الأخطاء والخروقات في تنفيذها، وتؤشر مكامن الخلل في القوانين كي تقوم بتعديلها أو حتى إلغاءها وتشريع قوانين بديلة عنها، وهذا راجع ايضاً إلى عملية تشكيل الحكومات المتعاقبة التي اعتمدت هي الأخرى على مبدأ التوافق من خلال إشراك جميع الكتل في الحكومة وهذا أفرغ الدور الرقابي للمجلس من محتواه.
  • غياب جهة محددة معنية بوضع السياسات العامة للبلد في مجلس الوزراء، وهذا يجعل من مهمة مشاركة مجلس النواب في صنع السياسات العامة بالغة الصعوبة.

 

التوصيات

من خلال تأشير الباحث على المعوقات آنفة الذكر خرجنا بعدد من التوصيات نعتقد بأنها ربما تسهم في تعزيز دور مجلس النواب في صنع السياسة العامة للبلد وهي:

  • تشريع قانون لتأسيس “المجلس الأعلى للسياسات العامة” يرتبط بمجلس الوزراء وتكون له صلاحيات واسعة، يضم خبراء في الاقتصاد والاجتماع والقانون والسياسة، يقوم بمهمة صنع السياسات العامة للبلد ، كما في تجارب عديدة، لعل أقربها لدينا النظام في ماليزيا إذ أن (وحدة التخطيط الاقتصادي) هي الجهة التي تقوم بصنع السياسات العامة في ذلك البلد([17]).
  • لا ينبغي أن يكون مبدأ الفصل بين السلطات، وصفة للتعارض فيما بينها، وإنما الهدف منه هو التعاون والتكامل بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) لصياغة سياسة عامة واضحة تستطيع أن تنهض بالبلد، وهذا يأتي عبر التنسيق بين مجلس النواب والسلطات الأخرى.
  • التخلص تدريجياً من مبدأ التوافق المعتمد في تشريع القوانين داخل مجلس النواب، لتسريع وتيرة اقرار القوانين المهمة، واعتماد مبدأ الأغلبية في سن القوانين على الرغم من صعوبة هذا الأمر في الفترة الحالية، إلا أن الفكرة لا بد أن تنضج في فكر الاحزاب والكتل السياسية.
  • العمل على ايجاد آلية أكثر نجاعة للحد من غياب النواب، لأن الأخير ممثل عن شريحة واسعة من الشعب ويُنتظر منه تشريع قوانين تسهم في حل مشاكله التي يعاني منها.
  • ضرورة التخلص من الديمقراطية التوافقية في تشكيل الحكومة، والانتقال منها إلى “الأغلبية السياسية” وليس الإغلبية “الطائفية” كي يتم تكوين معارضة قوية داخل مجلس النواب يكون لديها فاعلية أكثر في مراقبة تنفيذ القوانين ومتابعة أداء الحكومة ومحاسبتها.

المصادر

  • جيمس أندرسون، صنع السياسات العامة، ت: عامر الكبيسي، ط3، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمان، 2007م.
  • وصال نجيب العزاوي، السياسة العامة دراسة نظرية في حقل معرفي جديد، ط1، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 2001م.
  • أحمد مصطفى الحسين، مدخل إلى تحليل السياسات العامة، ط1، المركز العلمي للدراسات السياسية، الأردن، 2002م.
  • خليل حسين، السياسات العامة في الدول النامية، ط1، دار المنهل اللبناني، بيروت، 2007م.
  • عامر خضير الكبيسي : السياسات العامة مدخل لتطوير أداء الحكومات ، إصدارات المنظمة العربية للتنمية الإدارية ، القاهرة ، 2008م.
  • دستور جمهورية العراق لسنة 2005م، ط5، مجلس النواب، الدائرة الإعلامية، بغداد، 2011م.
  • موريس نخلة وآخرون: القاموس القانوني الثلاثي، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت،
  • نحو تطوير العمل البرلماني (أوراق الندوة البرلمانية العربية)، المركز اللبناني للدراسات بيروت، 2001م
  • احمد زكي بدوي: معجم المصطلحات السياسية والدولية، ط2، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 2004م.
  • مجيد نجف زوار علي، دور السلطة التشريعية في صنع السياسات العامة في جمهورية العراق بعد عام 2003 (دراسة في المعوقات)، رسالة ماجستير، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، 2013م.

المحتويات

الموضوع الصفحة
الملخص التنفيذي 1
المحور الأول: مفهوم السياسة العامة (إطار نظري) 2
المحور الثاني: صانعو السياسة العامة 4
المحور الثالث: مجالات مجلس النواب في صنع السياسة العامة 5
المحور الرابع: معوقات صنع السياسة العامة في مجلس النواب 8
التوصيات 10
المصادر 11
المحتويات 12
الملاحق 13

([1]) جيمس أندرسون، صنع السياسات العامة، ت: عامر الكبيسي، ط3، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمان، 2007م، ص15

([2]) وصال نجيب العزاوي، السياسة العامة دراسة نظرية في حقل معرفي جديد، ط1، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 2001م، ص29.

([3]) جيمس أندرسون، مصدر سبق ذكره، ص41

([4]) أحمد مصطفى الحسين، مدخل إلى تحليل السياسات العامة، ط1، المركز العلمي للدراسات السياسية، الأردن، 2002م، ص8.

([5]) جيمس أندرسون، مصدر سبق ذكره، ص55

([6]) جيمس أندرسون، مصدر سبق ذكره، ص55

([7]) خليل حسين، السياسات العامة في الدول النامية، ط1، دار المنهل اللبناني، بيروت، 2007م، ص63.

([8])عامر خضير الكبيسي : السياسات العامة مدخل لتطوير أداء الحكومات ، إصدارات المنظمة العربية للتنمية الإدارية ، القاهرة ، 2008م، ص16.

([9]) جيمس أندرسون، مصدر سبق ذكره، ص56.

([10]) دستور جمهورية العراق لسنة 2005م، ط5، مجلس النواب، الدائرة الإعلامية، بغداد، 2011م، ص42.

([11]) لمزيد من التوضيح ينظر ملحق رقم (1) مخطط يوضح سير الاجراءات التشريعية لمشريع القوانين.

([12]) لمزيد من التوضيح يُنظر ملحق رقم (2) مخطط يوضح سير الاجراءات التشريعية لمقترحات القوانين.

([13]) موريس نخلة وآخرون: القاموس القانوني الثلاثي، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت، 2002م ص250.

([14]) احمد زكي بدوي: معجم المصطلحات السياسية والدولية، ط2، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 2004، ص67.

([15]) نحو تطوير العمل البرلماني (أوراق الندوة البرلمانية العربية)، المركز اللبناني للدراسات بيروت، 2001م، ص75.

([16]) مجيد نجف زوار علي، دور السلطة التشريعية في صنع السياسات العامة في جمهورية العراق بعد عام 2003 (دراسة في المعوقات)، رسالة ماجستير، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، 2013م، ص79.

([17]) تجدر الإشارة في هذا الصدد أن مجلس الوزراء أرسل لمجلس النواب (قانون الإصلاح الاقتصادي)، وقد نوقش هذا القانون في جلسة استماع بتاريخ 29/9/2013 (حضرها الباحث) عقدتها لجنة (الاقتصاد والاستثمار) بالتعاون مع هيئة المستشارين في مجلس الوزراء، وتبين من خلال مناقشات القانون أن القانون سمح بتأسيس (مجلس الإصلاح الاقتصادي الاتحادي) يقوم بمهمة اقتراح السياسات العامة واعتقد إنه يلبي ما ذكرناه آنفاً.